مجموعة كبيرة جدًا من الفروقات التي تميّز المبرمج الذي دخل توّاً إلى سوق العمل والمبرمج المحترف الذي تجري خلفه الشركات الكبرى، إحدى هذه الفروقات هو الكود النظيف Clean Code فلا تحلم بوظيفة تطرق بابك بشكل مفاجئ إن كنت معروفًا بأكوادك الغامضة، جميعنا نكتب أكوادًا برمجية وجميعها تعمل بكفاءة ربما، ولكن إذا أردت العمل في شركات كبيرة وأن تكتب بحرفية أكبر فعليك التفكير بكتابة الأكواد النظيفة Clean Code.
الكود العادي والكود النظيف
نعلم أن الأكواد العادية سيئة التنظيم تعمل، مثلها مثل الأكواد المكتوبة بشكل احترافي، كما أن سوء طريقة عمل الأكواد العادية لن يؤثر سلباً في صفحة الويب الواحدة، أما إذا ما أردنا الحديث عن موقع إلكتروني فيه آلاف وملايين الزوار، فهنا يجب أن نفكر قليلاً وأن نحتسي كأساً من الشاي قبل كتابة الأكواد، فالكود الرديء يعني حرفياً خسارة آلاف الزوار والمغامرة بحركة البيع والشراء والإيرادات وحتى في مسيرة تطور الموقع الإلكتروني والشركة ككل.
لهذا لا تقبل الشركات الكبيرة التعامل مع المبتدئين، لأنها تعرف أن التأخير الزمني في فتح صفحة الويب، ليس لثوان معدودة بل لأجزاء من الثانية، تعني خسارة زبون، وخسارة زبون واحد تعني خسارة آلاف الزبائن المحتملين وفق التسلسل الهرمي، وهذا يعني خسارة نسبية في الأرباح السنوية تصل إلى آلاف الدولارات، ناهيك عن النزول في قائمة المنافسة بين المواقع الشبيهة.
إضافةً إلى ذلك لنكن أكثر واقعية فالشركات لن توظّفك حتى تبدأ المشروع بمفردك وخاصّة إن كنت تخطو خطواتك الأولى في صناعة البرمجيات بل ستعمل على مشروع ضخم ربما إن كنت محظوظاً برفقة عدد كبير من المطوّرين في فريق منظّم يتقاسم المهام، لذا عليك كتابة أكواد برمجية مفهومة للجميع دون الحاجة إلى تقديم التوضيحات والشروحات لأحد الزملاء إلّا فيما ندر.
وليس هذا فحسب حيث تفكر الشركات لأبعد من هذا بكثير، فمن الممكن أن تترك أنت مهمة ما في منتصفها ويتولاها آخر بشكل مفاجئ، ومن الممكن أن تتولى أنت مهمة شخص آخر في العمل، أو أن تترك العمل في تلك الشركة بلا عودة، وهنا نفهم من هذا السيناريو أن الأكواد المبهمة والغامضة مرفوضةٌ تماماً في بيئة العمل حتى يتسنّى لباقي المطوّرين العمل على تطوير المشروع ومتابعة العمل بسلاسة دون الحاجة لساعات من البحث والعمل على فك الشيفرة ومعرفة المعنى الذي كان في قلب الشاعر إن جاز التعبير.
المزيد عن الكود النظيف
لا يقتصر الأمر على الإيضاح فحسب، وإنما على طريقة الكتابة، واستخدام أحدث الأساليب في لغة البرمجة التي تعمل عليها، أو على الأقل الاتفاق بين رفقاء العمل على التعليمات البرمجية التي توافق مجال العمل، لا يمكنك على سبيل المثال كتابة كود برمجي بـ 10 أسطر ويمكنك كتابته بـ 5 أو بـ 8 حتى وذلك باستخدام تعليمات أحدث أو أفضل، ولا بد من التنويه أن الكود النظيف لا يعتمد على قواعد اللغة البرمجية ولا نوعها، وإنما على ما اجتمع عليه مجتمع المطورين الخاص بتلك اللغة مع مرور الوقت.
الكود النظيف لا يقتصر على الشكل فحسب ولا على الوضوح وسهولة القراءة، وإنما يتعدّى ذلك إلى أبعد من هذا فهل من المعقول كتابة كود يحتاج إلى 3 طلبات مع السيرفر، بينما يمكنك كتابته بطريقة يستطيع أداء نفس المهمة بطلب واحد؟
قد لا يكون الموضوع بهذه السهولة، فقد تحتاج الى السهر لليال طوال للوصول إلى فكرة تتيح لك تقليل عدد الطلبات من السيرفر، وقد تحتاج لأسابيع لكتابة دالة function عامة تستطيع من خلالها اختصار عمل عشرات الدوال الأخرى.
أنت هنا لا تعمل بمفردك على صفحة ويب أو صفحتين أو برنامج سطح مكتب لإدارة ومخزن بسيط، ولا على موقع إلكتروني شخصي أو بسيط لإدارة بعض المبيعات المحلية فدائماً ما كان هدف المطورين إيجاد السبل الأفضل لتحسين سرعة وجود وسهولة التعامل مع المحتوى الرقمي والمساهمة المشتركة بين المبرمجين لتطوير كود معين، وكما نعلم فإن مجال البرمجة يتطوّر بسرعة كبيرة، ولا بد لنا من مواكبة آخر التطورات، وإلا سنبقى في صفوف الهواة.
وما دمت قد واصلت القراءة إلى هنا فبالتأكيد أنت من أهل البرمجة، وحان الوقت للتوقف عن الكتابة العادية وتنظيم أكوادك بشكل احترافي.
