الاختراق المُرَخص… الاختراق المُحَبَب الأسرع

معلومات عامة  -  بواسطة:   اخر تحديث:  2020/09/27
الاختراق المُرَخص… الاختراق المُحَبَب الأسرع

بدايةً لا بُدَ لي عزيزي القارئ من تقريبك لمفهوم الأذونات أو السماح أو المصادقة، فعند الشروع في استخدامك لبرنامج أو تطبيق ما لأول مره فانه يطلب منك الولوج إلى معلومات معينة. فطلب الولوج لهذه المعلومات يدعى الإذن أو السماح أو المصادقة.


أما الإختراق المُرخص فهو عبارة عن مفهوم أَطلَقتُه على الأعمال والأفعال التقنية التي تأخذ ما تحتاجه من معلومات من المستخدمين عن طريق تضليل المستخدمين وخداعهم وكذلك الإعتماد على عدم درايتهم أو اكتراثهم في إجرائات السماح أو الأذون في الولوج إلى البيانات.


ما هي المعلومات التي يجمعوها عنا، ما حاجتهم لاختراق خصوصيتنا، وكيف يستخدمون هذه المعلومات؟


نحن في عصر المعلومات ويعني ذلك أن من يمتلك المعلومة المناسبة في الوقت المناسب سيحتل المراتب العليا في مجال المعلوماتية. تتنوع الشركات المخترقة لخصوصيتنا وتتكاثر كلما احتاجت لذلك أو كلما سمحت لها الفرصة. تتعد الطرق التي يسرقون فيها المعلومة ولكن الهدف واحد المعلومة..ثم المعلومة ثم المعلومة. فهم يسعون لمعرفة كل شيء ينفعهم عنا.


فمثلا يسعون لمعرفة موقعنا على الخريطة؛ فالدعايات التي تستهدف سكان اليابان هي حتماً غير ملائمة لسكان فلسطين!  كما يسعون لمعرفة عُمرنا فدعاية “الواكس” مُسَرح شعر  الشباب تكون أكثر تأثيراً عند استهداف الشبان ما بين عمر 16-29 عاماً، بينما دعاية هذا الواكس غير مجدية  للذكور التي تترواح أعمارهم ما بين40 -60 عاما. كما أنهم يسعون لمعرفة جنسنا لأن دعاية بنطال الشابات لا يتناسب قطعياً مع ذوق ورغبات الشبان الذكور.


هذه الأمثلة ليست سوى ذرة رمل من جبل كبير من  المعلومات التي  قد تحتاجها الجهات المعنية. كل هذه الأمثلة كانت عن سعي الشركات للحصول على المعلومات المناسبة في الوقت المناسب في مصب الدعاية والإعلام والإحصاء والتي هي عبارة عن أدوات للتسويق الذي يسعى بدوره للإنتشار وتحقيق الربح وتعظيم المنافع.


فهذه المعلومات قد تستخدم لنفس الشركة المخترقة لخصوصيتنا أو قد تنشأ شركات متخصصة في اختراقنا لكي تتاجر في المعلومات. كما أن هذه المعلومات تستخدم في مجال أكثر احتياجاً وهو المجال الاستخباراتي فهذه  المعلومات  تشكل منبع غني للمعلومات لما فيها من تَرقُب وتَرصُد وتحرُك لمستخدمي التقنية. فهي المنبع المحبب للجماعات الاستخباراتية وعلى رأسها وكالة الاستخبارات الأمريكية.



كل الأفكار التقنية خُلقت غالباً كي تساعد مستخدمي التقنية ولكي تكون في عَونِهم، لكنها ها هنا تستخدم في غير فكرتها النبيلة، فأخذت منحى مختلف تحقيقاً لمصالح مالية أو سيادية. لكن على حساب مَنْ ؟



ما هي التقنيات التي تستخدمها أغلب الشركات في اختراق الخصوصية؟


تَتنافس الشركات والمجموعات وتبتكر وتتفنن في إختراق خصوصيتنا بشكل قانوني! يتم ذلك عن طريق التضليل أو الاعتماد على عدم اكتراث أو عدم دراية المستخدمين للمصادقة أو السماح للبرامج أو التطبيقات في الولوج  للمعلومات أو جزء معين في النظام. فمثلاً من المشهور عندما نقوم بتنصيب برنامج أو تطبيق أن يقوم المستخدم الغير مُلم في التقنية بالضغط على  أيقونة التالي ثم التالي ثم التالي… ثم إنهاء. تستغل الشركات هذه الثغرة في سلوكنا  كي تُروّج للعديد من البرامج.


فهناك برامج صغيرة غير مشهورة، ربما غالبيتها تكون غير مُجدية للمستخدم ومن أجل إشهارها واحتلالها لأجهزة المستخدم يتم دمجها في إعدادات  تنصيب برامج أخرى مشهورة  كنوع من الترويج للبرامج الصغيرة وهنا أضع علامة إستفهام على هذا النوع من البرامج وطريقة ترويجها الإتكالية على “ثقافة النكست”. أَدت “ثقافة النكست” لخلق جيل غير واعي للمخاطر التي يسمح فيا بنفسه.


وها هنا أجزم أن  “ثقاقة النكست” هي بدايات الإختراق المرخص. لذا علينا التنبه عند تنصيب برنامج جديد وقراءة  التعليمات المكتوبة في اتفاقيات ترخيص او عمل هذه البرامج، فمعظم هذه البرامج تخبر المستخدم بأنه اذا ضغطت على نكست سوف يتم تنصيب البرنامج الفلان الفلاني.


علم التشفير … هل يمكن أن تصبح البرامج غير قابلة للاختراق؟


أمثلة حية على الاختراق المرخص


تطبيقات فيسبوك

تطبيقات فيسبوك هي تلك التطبيقات التي تقتصر فقط على فيسبوك أي أنها تعمل في بيئة حسابك على فيسبوك كالألعاب او التطبيقات التي تتيح لك خدمة كأن تنشر على الحائط الخاص بك مثلاً،  أو تلك التي تخبرك من قام بزيارة حسابك …إلخ.


تطبيقات فيسبوك هذه أصبحت في الفترة الأخيرة من أخطر طرق الإختراق فمنها ما يكون عبارة عن تطبيق مُشوق تقوم أنت في السماح والإذن له فيتحكم بدوره في حسابك كأن ينشر على صفحتك أو يرسل رسائل  لأصدقائك أو ينشر منشورات على المجموعات التي تشترك فيها بإذنك وغالباً من دون إذنك. هذه التطبيقات منتشرة بشكل كبير وللأسف هناك فئة كبيرة لا زالت تصدق الخزعبلات هذه.


تمتاز بعض هذه التطبيقات بالذكاء نوعاً ما فمن الممكن أن يكون هذا التطبيق من أجل هدف سامي ونبيل كأن يتولى التطبيق نشر أحاديث نبوية أو ينشر أحكام ومقولات ولكن مظهرها العام لا يبطل محتواها الغير خلّاق؛ حيث أنها تكتفي بالتجسس عليك من دون أن تدري بها ومن دون أن تزعجك، فهي تخترق خصوصيتك وخصوصية أصدقائك. ولا حاجة لي عزيز القارئ أن أذكرك ما يحتويه حسابك على الفيسبوك  بكمية المعلومات كتاريخ ميلادك أو صورك أو المنشورات على صفحتك أو رسائلك مع أقاربك وأصدقائك….إلخ.


لكي تُفرق بين التطبيقات الخبيثة والأخرى الجيدة، يكفي أن نقوم في الدخول لهذه الأداة ونقوم بالضغط على إضافة أو تحميل لكي تحمل الأداة ثم نسمح لها في الشروع للعمل عن طريق الضغط على أيقونة إضافة http://mypermissions.com


الاختراق المُرَخص… الاختراق المُحَبَب الأسرع


حال ضغطك على أيقونة إضافة ستبدأ هذه الأداة في البحث على التطبيقات التي سَمَحتَ لها  وأذنت لها على حسابك على الفيسبوك وفي غضون ثوان ٍ ستظهر جميع التطبيقات وستظهر لك الأذونات الخاصة في كل تطبيق وما المعلومات التي يستطيع الولوج إليها.


الاختراق المُرَخص… الاختراق المُحَبَب الأسرع


بإمكانك عزيزي القارئ التحكم في هذه التطبيقات وتعديلها وترويضها  كي تعمل حسب ما تريد فيكفي أن تضغظ على كلمة  تعديل في اللون الأزرق المقابل للتطبيق الذي تريد معرفة عمله وما  هي المعلومات التي يلج إليها ليظهر بوضوح التطبيق والمعلومات التي سَمحتَ له في الولوج إليها.


eBuddy

الاختراق المُرَخص… الاختراق المُحَبَب الأسرع


ها هنا مثال واضح وصريح لما تحدثت عنه، فتطبيق كتطبيق (eBuddy)  الشهير الذي يستخدم في المحادثة ما حاجته للدخول لحسابات قائمة الأصدقاء! ما حاجته لمعرفة معلومات عنهم كتواريخ ميلادهم وعلاقاتهم الخاصة ومواقعهم الإلكترونية وعناوين بريدهم الإلكتروني وآرائهم السياسية وعقيدتهم الدينية! حسناً إذا أنت منزعج مثلي فقم بالضغط على revoke فوراً.


Skype

الاختراق المُرَخص… الاختراق المُحَبَب الأسرع


ها هنا مثال ثان ٍلتطبيق نثق فيه جميعاً ألا وهو السكايب!


انظروا بأنفسكم على الأشياء التي سمحنا له في الولوج إليها ! فنحن سمحنا له في الولوج إلى صفحتنا الشخصية من معلومات وصور وفيديوهات ومنشورات! بالإضافة لأشياء أخرى.


بإمكانك الضغط على Revoke وإنهاء هذا التطفل والاختراق الأبله.


للإشارة بإمكانك إستخدام هذه الأداة ليس فقط لتطبيقات فيسبوك وحسب وإنما للنشاطات التي تتم على المتصفح، كمراقبة التبويبات والصفحات التي تعمل على متصفحك.


تطبيقات الهواتف االذكية


تطبيق Truecaller

هو عبارة عن تطبيق يَستهدف أجهزة الهاتف المحمولة الذكية، فِكرته تقوم على إظهار أسماء وربما صور الأشخاص الذين يطلبون رقمك، كما أنه يزودك باسم وربما صورة أي شخص تملك رقم هاتفه.


عندما تنتهي من تنصيب هذا التطبيق فأول ما يفعله هو أخذ نسخة من قائمة أرقام الهواتف التي تملكها ويخزنها بخوادم الشركة، فكل قوائم الهاتف الموجودة عند مستخدمي هذا التطبيق هي موجودة أيضاً في خوادم الشركة صاحبت التطبيق، وفي ظل تزايد عدد المستخدمين الذين أقبلوا على هذا التطبيق واستخدموه ولو لفترة بسيطة فقد تمكنت الشركة من إنشاء قاعدة ضخمة من أسماء وأرقام هواتف وصور شخصية.


الاختراق المُرَخص… الاختراق المُحَبَب الأسرع


وأكبر دليل على ذلك وجود أسماء لأرقام غير مفهومة كإسم لصاحب رقم “أغلى البشر”، “ست الكل” وهذا لأنني قد أسمي رقم صديقي “مودي”  فعندما سيلجأ أحدهم للبحث عن رقم صديقي سيظهر له فورًا “مودي” وليس إسمه الحقيقي. إضافة إلى ذلك يقوم البرنامج في التحكم في هاتفك فمن أبرز الأشياء التي يتحكم فيها  هي قراءة واستقبال الرسائل النصية وقراءة الرسائل المصورة.


إذا كان أمر مزعج أن يعرف شخص ما يملك تطبيق (Truecaller) إسمك أو صورك الشخصية بمجرد حصوله على رقم هاتفك، بإمكانك الدخول للرابط التالي www.truecaller.com/ar/unlist وما عليك سوى إدخال رقم هاتفك في الخانة المخصصة وكتابة رمز التحقق والضغط على حذف.


تطبيق SoundCloud

تطبيق أحبه كثيراً لكن للأسف لم يَسلم من مقالي هذا، هذا التطبيق بصراحة جميل ورائع فهو  عبارة تطبيق تابع لموقع عالمي متخصص في الصوتيات والموسيقى، يتيح للمستخدم الدخول لحسابه الخاص والاستماع للموسيقى التي يحب بسرعة وطريقة جميلة.


الاختراق المُرَخص… الاختراق المُحَبَب الأسرع


لكن مع كل هذه الإيجابيات وكل محبتي له؛ ما الداعي المُلح والضروري لقراءة أسماء وأرقام الهواتف الموجودة في الهاتف وكذلك تحديد موقع مستخدمي التطبيق؟ حتماً هذه المعلومات غير مهمة ولا تفيد  سير عمل التطبيق فهي لا تضيف له أي شيء من أجل مواصلة عمله.


إذاً الحل للحفاظ على الخصوصية هو بالتوقف عن استخدام مثل هذه التطبيقات واستخدام بدائلها الجيدة التي تحترمنا كمستخدمين.



لا تسمح في إنتهاك خصوصيتك فهي أغلى ما تملك!



أليس لنا الحق في السؤال مراراً وتكراراً لماذا نُستَغَل بهذه الطرق البشعة! ولماذا لم نسمع عنها ولو لمرة واحدة! أليس من حقنا أن تُصان خُصوصيتنا بشكل جدي بعيداً عن الشعارات الرنانة، أليس من حقنا أن نتساءل أين تذهب صورنا وصوتنا وفيديوهاتنا الخاصة على الشبكة العنكبوتية!!


توضيح

 كتبت الجانب السيئ من جراء التعامل الغير مسؤول مع التقنية، إلا أن هذا لا يعني أن التقنية بمجملها سيء. فالتقنية هي روحنا الممتعة والمعرفة العميقة الواسعة.


معاً لإستخدام التقنية لا لأن تستخدمنا