الإنسان ككائن اجتماعي بالفطرة: كيف يمكنك بناء الثقة الاجتماعية لترضي نفسك قبل الآخرين؟

معلومات عامة  -  بواسطة:   اخر تحديث:  27/06/2021
الإنسان ككائن اجتماعي بالفطرة: كيف يمكنك بناء الثقة الاجتماعية لترضي نفسك قبل الآخرين؟

لا تدع بعض المظاهر تخدعك فتحت أجمل ذيل لأجمل طاووس مؤخرة دجاجة عادية؛ أستذكر هذا المثل دومًا عندما يبالغ بعض الناس بإظهار يقينهم من شيء ما أو كما ندعوه: الثقة العمياء التي تفضي إلى الغرور.

الإنسان ككائن اجتماعي بالفطرة: كيف يمكنك بناء الثقة الاجتماعية لترضي نفسك قبل الآخرين؟

عندما نتحدث عن الثقة فإننا نستخدم هذه الكلمة “الثقة” لنشير إلى الكثير من الأمور المختلفة دون أن ندرك ذلك، لكن علينا أن نميزنمطينمن الثقة الأول هو “الثقة المعرفية” أو “اليقين”، وهي مقدار تأكدك مما هو صحيح، أي الموقف الذي تتخذه بنفسك عندما تفعل شيئًا قمت به أكثر من مرة وتشعر بالراحة تجاهه. كأن تكون مدرّسًا وتتأكد أن أحد طلابك سيفشل بالامتحان، أو أن تكون تاجرًا وتتأكد بأن المُنتج مغشوش، أو لنفرض مثلًا أنك في العمل ستكون واثقًا أنك ستنهي العمل المخصص مع نهاية الدوام.

أما النمط الثاني وهو “الثقة الاجتماعية” أو “الثقة بالنفس”، هي ثقة معرفية لكن بطريقة أكثر شمولية ويمكنك ممارستها في أي مكان تتوافر فيه فرصة للرفض أو الانتقاد والمواجهة بشكلٍ أو بآخر. التحدث على خشبة المسرح، ومواعيد العمل، والتسويق لعلامتك التجارية ومحاولة إقناع الناس بالتبرع لجمعية رعاية الحيوان…. في جميع تلك الأمثلة إن كنت متحدثًا ماهرًا كما لو أنك في منزلك دون أي قيود، أو شعرت أن حديثك ليس فقط مقبولًا فحسب بل مرغوبًا، هنيئًا لك فأنت تُظهر ثقة اجتماعية.

الإنسان ككائن اجتماعي بالفطرة: كيف يمكنك بناء الثقة الاجتماعية لترضي نفسك قبل الآخرين؟

لم أنت خجول؟

لم أنت مُحرَجٌ جدًّا؟

هل أنت منزعج من شيءٍ ما؟

لم أنت حساسٌ جدًّا؟

هل يسألك الناس من حولك هذه الأسئلة طوال الوقت؟ فإذا كان جوابك نعم، استمر بالقراءة من  فضلك، لأني في هذا المقال سأخبرك عن أهمية بناء ثقتك الاجتماعية.

لماذا تكون الثقة الاجتماعية مهمة للغاية؟

بصراحة، إنها تؤثر بشكلٍ واسع على حراكك الاجتماعي وتجعلك أكثر جرأة وانفتاحًا على الفرص، وكونك إنسانًا هذا يُحتّم عليك أن تكون اجتماعيًّا، ستكون على الدوام جزءًا من بيئة بإمكانها أن تضعفك أو تقويك.

على العموم، نحن نميل إلى الخلط بين نوعي الثقة، مثلًا من الطبيعي أن تضخ المُدرّسة الحماس في تلاميذها وتقول لهم إنه لا يوجد شك بأنهم سينجحون.

لكن! الأشخاص الأكثر تأثيرًا ونجاحًا يُظهرون المزيد من الثقة الاجتماعية، لأزيدك إحاطة بالفكرة لن أبخل عليك بالأمثلة:

يروي لنا جيسون فرايد، الشريك المؤسس لأمازون، أن جيف بيزوس عام 2012 قام بإجراء جلسة أسئلة وأجوبة لشركة Basecamp وشارك بيزوس في إحدى إجاباته فكرة مثيرة للاهتمام: “الأشخاص الذين هم على حق، يغيّرون رأيهم كثيرًا”.

الإنسان ككائن اجتماعي بالفطرة: كيف يمكنك بناء الثقة الاجتماعية لترضي نفسك قبل الآخرين؟

هنا أطلب منك عزيزي القليل من التركيز: لم يقصد بيزوس هنا انعدام الثقة بالنفس لكن كان قصده أن هؤلاء الناس لا يخشون التعبير عن عدم اليقين، وهو نمط الثقة الأول الذي تحدثنا عنه. الأفراد الذين يتبنون هذا النوع من التفكير غالبًا ما يكونون واثقين من أنفسهم بشكلٍ واضحٍ ويمكنهم جذب الجمهور إليهم عندما يتحدثون مثل جيف بيزوس تمامًا.

بنجامين فرانكلين وهو أحد الآباء المؤسسين للولايات المتحدة، كان شخصًا مفعمًا بالثقة الاجتماعية وقد جمع بين وفرة الثقة الاجتماعية والافتقار المتعمد للثقة المعرفية، اعتمد ذلك كأسلوبٍ انتهجه عندما كان صغيرًا وفقًا للعديد من سيراته الذاتية. لاحظ فرانكلين أن الناس قد عارضوا حججه بشدّة عندما استخدم بعض التعابير اليقينية مثل “من المؤكد”، “لا يوجد شك” فقرّر استبدالها بتصريحات مثل “أعتقد”، “إذا لم أكن مخطئًا”، ولا يخفى على أحدٍ أن فرانكلين أصبح أحد أكثر الأشخاص نفوذًا في التاريخ الأمريكي مع مرور الوقت.

تقول لبنى عليّان وهي أكثر سيدات الأعمال تأثيرًا في الشرق الأوسط والتي تدير إحدى أكبر شركات الاستثمار في سوق الأسهم في المنطقة، تقول: “كلما اختبرتِ تحدّيات إضافية في الحياة، عشتِ أمورًا أكثر، هذه الخبرة التي تعيشينها، تعطيك قدرة على التأثير على حياة الآخرين“، لبنى عليّان تشغل منصب الرئيس التنفيذي الأعلى لمجموعة شركات العليان، أصبح من الواضح لديك عزيزي أهمية الثقة الاجتماعية لشخصٍ يتقلّد مناصب مثل رئيسٍ تنفيذي، كم من المهم أن يكون مؤثِّرًا في موظفيه وفي سوق العمل وفي الآخرين.

الثقة الاجتماعية لتبديد الرهاب الاجتماعي

عندما تشعر أن التواصل مع الغرباء يشكل تهديدًا لك، فأنت تعاني من الرهاب الاجتماعي والذي قد يكون نتيجة تجاربٍ سلبية اختبرتها في الماضي وزادت من عدم ثقتك بالآخرين؛ يمنعكالرهاب الاجتماعيمن الاستمتاع بحياة اجتماعية غنيّة وهنا يجب أن تتعلم استخدام الثقة الاجتماعية وتتخذها كأسلوبٍ لتقضي على هذا الخوف.

الرهاب الاجتماعي

يتميز الرهاب الاجتماعي بمجموعة خصائص:

  • الخوف من تركيز الانتباه عليك في مجلسٍ ما.
  • الخشية من تقديمك إلى محادثة.
  • الخوف من التحدث في الأماكن العامة وحتى بين مجموعة صغيرة من الأصدقاء.
  • الحاجة المستمرة للتفكير فيما ستقوله.
  • الخوف من الأكل أو الضحك أمام الناس.
  • الخوف من البدء في محادثة.
  • سيادة أنماط التفكير السلبي.

اقرأ أيضًا: الحظ يفضل الجريء: أسرار لخلق الثقة والنشاط في الطريق لتحصل على ما تريد

كيف نريد ثقتنا الاجتماعية؟

كن نسخة أفضل من نفسك

ببساطة، أنت فقط تحتاج إلى المزيد مما أنت عليه، أن تصبح أفضل أو أن تحقق أي شيء يجعلك فخورًا بنفسك، فهذه الثقة لا تأتي في ليلةٍ وضحاها بل عليك أن تبنيها بمرور الوقت، باستطاعتك الشروع في كسب المزيد من المال أو البدء بممارسة الرياضة والحصول على لياقة جسدية أفضل، يمكنك القيام بأي شيء يجعلك أكثر قبولًا اجتماعيًّا. فقط تخيل معي رجلًا وسيمًا وثريًّا وعلاوة على ذلك يتمتع بلياقة بدنية، ما احتمالية أن يكون شخصًا يفتقر إلى احترام الذات؟ العالم قاسٍ يا صديقي، الجميع يهتم فقط بالأشخاص ذوي القيمة الاجتماعية.

الإنسان ككائن اجتماعي بالفطرة: كيف يمكنك بناء الثقة الاجتماعية لترضي نفسك قبل الآخرين؟

لا تأخذ كلّ شيء على محمل الجد

ليس قصدي أن تظهر كغبيٍّ أو ساذجٍ، لكن عليك أن تعرف أن الناس لا يتوقفون عن إطلاق الأحكام فهناك بعض الأشياء لا يمكن التحكم فيها مثل آراء الآخرين، هذه النصيحة ستكون مهمّة عندما تشعر بالإهانة من الأشياء الصغيرة وعندما تشعر أنك بحاجة شديدة للدفاع عن نفسك عندما يقول الناس عنك أشياء سلبيّة، ستكون حيلة جيدة إن استقبلت هذه المواقف بضحكاتٍ ساخرة، سيكون الأمر صعبًا في البداية لكن عزيزي عليك أن تقبل نفسك كما أنت وتستمر بتطوير ذاتك عندها ستتحرر من مخاوفك.

توقف عن التفكير السلبي

لا تكن ثرثارًا ولكن بنفس الوقت لا تفكر أكثر من اللازم فيما ينبغي وفيما لا ينبغي قوله، وأتحدث هنا عن الأمور الحياتية اليومية وليس الأمور المصيرية التي يجب توخي الحيطة تجاهها. أنت عليك أن تقول ما يدور بذهنك دون الحكم سلبًا ومسبقًا على كلماتك أنها هراء أو لا قيمة لها، قد تشعر ببعض البلاهة في البداية لكنك لاحقًا ستكف عن الحكم على نفسك وستقول الأشياء بثقة أكبر.

على العموم إن الناس يحبون الذين ينفتحون عليهم وسيقتربون منك وينسجمون معك أكثر إن شعروا أنك لا تخفي عنهم شيئًا.

في النهاية، لا شيء يهم

كل شيء جدير بالاهتمام، لكن في النهاية لا شيء يهم، فكر بهذه العبارة قليلًا.

الحياة مليئة بالشكوك يا صديقي وكل الأشياء تأتي وتذهب لكن عليك أن تضع خطوطًا حمراء تحت أولوياتك الخاصة مثل العائلة والعمل والدراسة فهذه إذا ذهبت لن تعود، أما عندما يتعلق الأمر بالأشياء الأخرى فلا تبالِ كثيرًا وتوقف عن الاهتمام بالأشياء الثانوية الأخرى، ستشعر بأنك أكثر سعادة وأكثر ثقة، صدقني هذا التمرين يعادل تناول علبة مضاد اكتئاب، عن تجربة شخصية أتحدث.

ممارسة الثقة الاجتماعية وتطبيقها

الثقة الاجتماعية

لتستفيد منالنصائحالسابقة عليك أن تبدأ الخوض في المواقف الاجتماعية التي تتطلّب منك الاختلاط. ابتسم للغرباء، جرب عند ذهابك إلى النادي الرياضي مثلًا أن تبدأ بمحادثة الآخرين، امنح نفسك الوقت الكافي وحاول أن تفهم نفسك قبل أن تفهم الآخرين، اعرف ما أهدافك وماذا تريد ولتكن الثقة الاجتماعية معينة لك عليها.

في الختام نجد أننا يجب أن نُظهر نمطَي الثقة، لكن الثقة الاجتماعية أهم وأكثر فائدة وتجعلك تبدو محبوبًا ومرغوبًا، على عكس الثقة المعرفية التي قد تجعلك تبدو سامًّا في بعض الأحيان.

اقرأ أيضًا: إعادة صياغة أنماط التفكير السلبي: لأن عواطفك تتبع أفكارك تمامًا كما يتبع البط الصغير أمه