التطور الهائل للصاروخ عبر الزمن.. كيف بدأ وكيف وصل إلى هذا التطور؟

معلومات عامة  -  بواسطة:   اخر تحديث:  2020/09/27
التطور الهائل للصاروخ عبر الزمن.. كيف بدأ وكيف وصل إلى هذا التطور؟

تعود جذور الصواريخ اليوم إلى مجموعة متنوعة من إبداع الإنسان في التكنولوجيا قديماً، وهي تمتد لفترة طويلة أقيمت فيها التجارب والأبحاث على الصواريخ منذ آلاف من السنين.


نستطيع أن نذكر أن أول الأجهزة التي وظفت بنجاح المبادئ الأساسية لطيران الصواريخ ربما يكون الطائر الخشبي، ونذكر هنا كتابات الروماني أولوس جاليوس (Aulus Gellius) التي تروي لنا قصة اليوناني الذي يدعى ارتشيتاس (Archytas) وهو فيلسوف كان يعيش في مدينة تارانتو وهي الآن جزء من جنوب إيطاليا.


في وقت ما حوالي 400 عام قبل الميلاد، أدهش ارتشيتاس مواطنين مدينة تارانتو من خلال تحليقه لحمامة مصنوعة من الخشب حيث كان البخار يدفع هذا الطير الخشبي والذي تم تعليقه بالأسلاك، تم استخدام في هذه الحمامة الخشبية مبدأ الفعل ورد الفعل والتي لم ينص عليها قانون علمي حتى القرن السابع عشر.


في اليونان أيضاً بعد حوالي ثلاث مائة عام من ظهور الطائر الخشبي، اخترع الرياضي والمهندس اليوناني الذي يدعى بطل الإسكندرية جهاز يشبه الصاروخ يسمى (aeolipile) وهو أيضاً يستخدم البخار كغاز ليكون الدافع.


بطل الإسكندرية قام بوضع كرة على رأس غلاية ماء، وعندما يقوم النار تحت الغلاية بتحويل الماء إلى بخار وينتقل الغاز عبر الأنابيب إلى الكرة يعطي البخار دفعة لهذه الكرة ويتسبب بدورانها، حيث يوجد على طرفي الكرة أنبوبين على شكل حرف L متجهين بنقيض من بعضهم للسماح بدخول وخروج الغاز.


التطور الهائل للصاروخ عبر الزمن.. كيف بدأ وكيف وصل إلى هذا التطور؟


السؤال هنا هو متى ظهرت أول الصواريخ الحقيقية؟ .. ربما هذه المسألة غير واضحة، ويبدو أن القصص التي تتحدث عن الصواريخ الأولى موجودة في أغلب السجلات التاريخية لمختلف الثقافات بفترات متقطعة عن بعضها.


لكن يعتقد البعض أن أول الصواريخ الحقيقية وجدت في القرن الأول الميلادي فقد ورد في بض السجلات على أن الصينيين كان لديهم نموذج بسيط من البارود المصنوع من الملح الصخري والكبريت وغبار الفحم وكانت تستخدم لصنع بعض الانفجارات خلال المهرجانات الدينية حيث أن هذا البارود كان يملئ في أنابيب الخيزران وتقذف في النيران..


ربما بعض تلك الأنابيب لم تكن تنفجر، وبدلاً من ذلك كانت تتحرك بسرعة خارج النيران مدفوعة من خلال الغازات والشرارة التي ينتجها البارود المحترق.


بدأ الصينيون بعض التجارب على الأنابيب المملؤة بالبارود. وفي مرحلة ما اعتمدت أنابيب الخيزران على أنها سهام تطلق من خلال الأقواس. وسرعان ما اكتشف أن هذه الأنابيب يمكن أن تطلق نفسها بنفسها فقط عن طريق الطاقة المولدة من خروج الغاز وعند هذا الاكتشاف ولد الصاروخ الحقيقي.


التطور الهائل للصاروخ عبر الزمن.. كيف بدأ وكيف وصل إلى هذا التطور؟


إن تاريخ الأعلام عن أول استخدام صاروخ حقيقي ظهر في عام 1232 في هذا الوقت كان الصينيون والمغول في حالة حرب مع بعضهم البعض وخلال معركة كاي كنج صد الصينيون المهاجمون المغول عن طريق وابل من السهام التي كانت تحلق بنيرانها..


وكانت سهام النار تلك النموذج البسط من الصواريخ ذات الوقود الصلب، وهي أنبوب نهايته تحتوي على البارود والطرف الأخر مفتوح وكان يعلق على هذا الأنبوب عصا طويلة وعندما يتم تشغيل المسحوق يحدث حرق سريع وينتج نار ودخان وغاز من ثم ينطلق، وكانت العصا كنظام توجيه بسيط يبقي الصاروخ يسير في اتجاهه العام..


بالطبع لم يكن واضح مدى فعالية هذه الأسهم التي تحلق في الهواء لكن ربما الأثار النفسية للمغول عندما شاهدوا هذا المظهر كانت صادمة.


بعد معركة كاي كنج أنتج المغول صواريخهم الخاصة وربما كانوا هم المسؤولين عن انتشار الصواريخ في أوروبا، وخلال الفترة الواقعة ما بين القرن الثالث عشر والخامس عشر أجريت العديد من التجارب الصاروخية.


في إنكلترا على سبيل المثال عمل راهب يدعى روجر على الأشكال المحسنة من البارود والتي زادت بدورها الكثير من مدى الصاروخ، وفي فرنسا وجد جان فرويسارت (Jean Froissart) أن المزيد من التحليق الدقيق يمكن أن يتحقق من خلال إطلاق الصواريخ من خلال الأنابيب. وكانت فكرته سباقة لفكرة البازوكة الحديثة، وفي إيطاليا صمم جونس دي فونتانا (Joanes de Fontana) طوربيد تشغيل صاروخ قوي للأنهاء على سفن العدو بالنار.


بحلول القرن السادس عشر أصبحت الصواريخ كسلاح من أسلحة الحرب على الرغم من أنها كانت لاتزال تستخدم لعروض الألعاب النارية، لذا دعنا نذكر هنا صانع الألعاب النارية الألماني يوهان شميدلاب (Johann Schmidlap) الذي قام باختراع صاروخ متعدد المراحل وذلك ليحمل المفرقعات النارية لارتفاعات أعلى.


وكان يعمل على مبدأ صاروخ كبير يحمل صاروخ صغير عندما يتم تشغيل الصاروخ الكبير ويحلق في السماء وعند انتهائه يقوم بإشعال الصاروخ الصغير الثاني ليحلق من جديد، وكانت فكرته هي الأساس لجميع الصواريخ التي تقلع إلى الفضاء الخارجي.


التطور الهائل للصاروخ عبر الزمن.. كيف بدأ وكيف وصل إلى هذا التطور؟


كانت جميع الصواريخ حتى ذلك الوقت تستخدم للحرب أو للألعاب النارية كما تكلمنا سابقاً، لكن يوجد أسطورة صينية قديمة مثيرة للاهتمام جداً التي تفيد على أن الصواريخ استخدمت كوسيلة من وسائل النقل، حيث قام إمبراطور صيني يدعى وان هو مع بعض من مساعديه على تجميع كرسي طيار يعمل بالطاقة الصاروخية، حيث تم تعليق أجنحة ورقية كبيرة على الكرسي وكان مثبت عليه أيضاً سبعة وأربعين صاروخ.


ولبدأ رحلته للتنقل أو الطيران والتحليق إلى زيارة القمر بهذا الكرسي الصاروخي جلس وان هو على الكرسي وأعطى الأوامر لتشغيل الصواريخ، قام المساعدين بتشغيل السبعة وأربعين صاروخ وعندما اشتغلت الصواعق سمع هدير هائل مرافق لسحب من الدخان المتصاعدة وعندما انقشع الدخان كان قد اختفى الإمبراطور هو وكرسيه الطيار، ولا أحد يعرف على وجه اليقين ما حدث له لكن من المحتمل أن وان هو نسف هو وكرسيه وأصبح أشلاء بدلاً من أن يحلق إلى الفضاء.


الهدف.. القمر


التطور الهائل للصاروخ عبر الزمن.. كيف بدأ وكيف وصل إلى هذا التطور؟


خلال الجزء الأخير من القرن السابع عشر وضعت الأسس العلمية للصواريخ الحديثة من قبل العالم الإنكليزي إسحاق نيوتن، حيث نظم نيوتن فهمه عن الحركة الجسدية إلى ثلاثة قوانين علمية، القوانين تفسر كيفية عمل الصواريخ وسبب قدرتها على العمل في فراغ الفضاء الخارجي..


وسرعان ما بدأت قوانين نيوتن أن يكون لها تأثير عملي على تصميم الصواريخ، وفي حوالي عام 1720 بنى الأستاذ الهولندي ويليم جرافيساند (Willem Gravesande) نموذج من السيارات عن طريق طائرات الدفع النفاث.


شهدت الصواريخ خلال نهاية القرن الثامن عشر والتاسع عشر ولادة جديدة كسلاح من أسلحة الحرب، حيث نجح إطلاق الصواريخ الهندية ضد البريطانيين في عام 1792، وفي عام 1799 جذبت الفكرة اهتمام خبير المدفعية البريطاني ويليام كنغرف وعين لتصميم الصواريخ لاستخدامها في الجيش البريطاني.


التطور الهائل للصاروخ عبر الزمن.. كيف بدأ وكيف وصل إلى هذا التطور؟


في عام 1898 المدرس الروسي كونستانتين تشياكوفسكي (Konstantin Tsiolkovsky) اقترح فكرة اكتشاف الفضاء باستخدام الصواريخ. وفي تقرير نشر عام 1903 يفيد على أن كونستانتين تشياكوفسكي اقترح استخدام الدواسر السائلة للصواريخ من أجل أن تحقق قدر أكبر من النطاق، وذكر تشياكوفسكي أن سرعة ومدى الصاروخ يحدد فقط عن طريق سرعة هروب غازات العادم. ولأفكاره وبحثه الدقيق ورؤيته دعا تشياكوفسكي أب الملاحة الفضائية الحديثة.


وفي وقت مبكر من القرن العشرين أجرى الأمريكي روبرت جودارد(Robert H. Goddard) تجارب تطبيقية في الصواريخ ونشر في عام 1919 كتيباً بعنوان طريقة الوصول للارتفاعات الشديدة وكان عبارة عن تحليل رياضي لما يطلق عليه اليوم صاروخ التجارب.


وبالنهاية كانت المفاجئة الكبرى للعالم في 4 أكتوبر عام 1957 عندما ظهرت أنباء عن قمر صناعي يدور حول الأرض أطلقه الاتحاد السوفيتي يدعى سبوتنيك. بالطبع يوجد العديد من المراحل التي أدت إلى تطور الصواريخ لم يتم ذكرها في المقال إذا كنت تعلم أي منها يمكنك إضافتها في تعليق.


مصادر
1، 2، 3، 4