التقمص في علم النفس

معلومات عامة  -  بواسطة:   اخر تحديث:  2020-05-14
التقمص في علم النفس

التقمص أو ما يعرف بالتماهي قال العالم ” سيغموند فرويد ” في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي أنه ظهر كلمة التقمص في القواميس والمعاجم العربية بالعديد من المسميات ، فيعرف التقمص في معجم علم النفس والتحليل النفسي باسم التوحد ، ويعرف على أنه نوع من أنواع التوافق التي تتم على مستوى لا شعوري[1].التقمص هو عملية تلجأ النفس فيها إلى أن تدمج داخل ذاته دوافع واتجاهات وسمات خاصة بشخص أخر ، لكي تصبح أصيلة في الفرد تقود بجذورها في أساس بنائه النفسي .

تعريف التقمص

تعريف التقمص بالنسبة للتعريفات التحليل النفسي في المعاجم للعالم “لابلانش ، وبونتاليس” يعرف بمصطلح التماهي ويعرف على أنه (عملية نفسية يأخذ الشخص عن طريقها أحد مظاهر ، أو الخصائص ، أو الصفات من شخص آخر ، ويتحول هذا الشخص بطريقة كلية أو جزئية وفقا للنموذج الخاص به ، وتتكون الشخصية وتتميز من خلال مجموعة من الماهيات)[2].يعرف التقمص أيضا بأنه عملية سيكولوجية يقلد من خلالها الفرد جانب ، أو خاصية ، أو سمة لدى شخص آخر ، ويتحول بشكل كلي أو جزئي بواسطة النموذج الذي يقدمه الشخص الآخر ، ويتم ذلك عن طريق سلسلة من التقمصات التي تقوم عليها أو تبين من خلالها الشخصية ، حيث أنه يمكن التعرف على أساس المفهوم في كتابات فرويد. وتحتوي المفاهيم الثلاثة البارزة والواضحة للتقمص كما وصفها فرويد إلى :

  • التقمص الأولى.
  •  التقمص النرجسي (ثانوي).
  •  التقمص الجزئي (ثانوي).
  • وبينما يعم الاتفاق في أدبيات التحليل النفسي ، حول سهولة المعنى الأساسي للتقمص أي أن تشبه نفسك بالآخر ، أو أن تصبح شبيه بالآخر ، فقد ظل موضوع التقمص أيضا من أكثر الموضوعات التي تكن محيرة في التحليل النفسي .

    أنواع التقمص

    ينقسم التقمص إلى ثلاثة أنواع أساسية لتعريفه وهي:التقمص الأوليالتقمص الأولي هو الصورة الثابتة الأصلية والبدائية في التعلق العاطفي بشىء معين أو شخص ما ، قبل أي علاقات مع الأشياء أو الأشخاص الآخرين يعتبر التقمص الأول للفرد وهو الأكثر أهمية ، هو تقمصه الفرد مع الأب فيما قبل تاريخه الشخصي مع أبويه ، ويقصد بذلك أن الطفل أثناء ولادته لم يكن قادر على التمييز بين نفسه وبين الآخرين من حيث الأهمية ، فإن الطفل يتعلق تعلق عاطفي مع والديه ويتعامل معهم على أنهم جزء من نفسه ثدي الأم هو جزء مني، إذا أنا أيضاً ثدي .يحاكي الأطفال خلال عملية التقمص سمات الوالدين بشكل غير واعي ولا إرادي ، ويقومون بعملية ربط أنفسهم مع هؤلاء الأباء، مع محاكاتهم لسلوك الوالدين بشكل متطابق ، فإن فرويد يؤكد على ضرورة تمييز التقمص عن المحاكاة أو التقليد حيث أن التقليد هو فعل واعي وإرادي .وأن الطفل سيطور بسبب هذه العملية من التعلق العاطفي (الأنا العليا) ، والتي يكون لديها متشابهات مع القيم الأخلاقية والمبادئ الإرشادية التي يعيش الوالدين حياتهما عن طريق هذه القيم ، ويصبح الأطفال خلال تلك العملية على قدر عالي من التشابه مع والديهم ، ويبسط ذلك من التعلم من أجل الحياة في العالم والثقافة التي ولدوا فيها وتربوا عليها .حيث أن المحللون النفسيون يعطون التقمص الأولي قدر كبير من الأهمية ، على الرغم من اختلاف المفهوم وفقا لكل مؤلف وتبع أفكاره، والابتعاد عن المعنى الدقيق . التقمص النرجسي أو الثانويالتقمص النرجسي هو عبارة عن صورة من صور التقمص التي تقوم على هجر أو فقدان هدف معين ، تبدأ خبرة الفقد هذه في سن مبكر للغاية. ودليل على ذلك ارتداء ملابس أو مجوهرات متعلقة بشخص متوفى محبوب ، وقد وضع فرويد في كتابه المعروف (حزن وكآبة) أن التقمص يكون مرحلة تمهد لإختيار الهدف أو الشيء المراد ، ويقول أن خبرة الفقد تبدأ في عملية تكون متحركة بصورة عكسية تساعد على توافق تقمص الأنا مع الهدف أو الشيء الذي قد يكون مفقود .ويكرر فرويد في كتابه (الأنا والهو) ويؤكد على أن هذا النوع من الاستبدال لديه قدر عالي في تحديد الشكل الذي اتخذه الأنا ، ويقدم ذلك مساهمة أساسية نحو بناء ما يطلق عليه (شخصيته) وأراد الفيلسوف ‘لاكان” في نظريته عن الخيال ، أن يعمل على تطوير النقطة الأخيرة حيث أنه رأى أن الأنا تتأسس في داخل أساسها من خلال مجموعة من التقمصات المغتربة ، وهذا جزء من مجادلته لأي تصور عن الأنا خالي من الصراع ومستقل بذاته .التقمص الجزئييقوم التقمص الجزئي على معرفة ميزة خاصة عند شخص آخر وغالبا ما تكون هذه الميزة أو النموذج المثالي ، متمثل في صورة شخصية قيادية حيث يمكن تقمصها ومثال على ذلك نجد أن الصبي الصغير يتقمص مع جاره الأكبر منه في السن الذي يتسم بالعضلات القوية ، ويتوحد الأشخاص مع الآخرين في ما بعد مرحلة التقمص للشخصيات القيادية لأنهم يحسون أن لديهم شىء مشترك فيما بينهم:مثل مجموعة من الأشخاص يحبون نوع معين من الموسيقى ، تقوم هذه الآلية بلعب دور هام في تكوين المجموعات وتساهم أيضا في تطوير الشخصية ، وتتمثل الأنا من خلال تقمص المجموعة .يعمل التقمص الجزئي على تعزيز الحياة الاجتماعية للأشخاص ، الذين سيكونون قادرين على التوحد مع بعضهم البعض بواسطة تلك الرابطة المشتركة فيما بينهم ، ويقول فرويد أن التقمص هو العملية التي بفضلها تتكون شخصية الفرد ، ويؤكد فرويد على أن التقمص ربما يدل على خاصية في الشخصية لكن على الشخصية بصورة كلية ، من جانب إمكانية توفير مجموعة كثيرة من التقمصات في الشخصية الواحدة .و التقمص يحدث نتيجة لتأثر الأنا بأنا آخر خاص ، فيكون نوع من الإنتقال السمات والمميزات الشخصية من فرد إلى آخر ، كنوع من التقمص ولكن بصفة أقوى من التقليد لكي تدوم وترسخ في الشخصية ، ومن خلالها يكتسب الفرد توجهات و مميزات شخصية جديدة .وبهذا الشئ يكون التقمص من ناحيتين هما ناحية وسيلة بناء الشخصية ، ومن ناحية أخرى تكملة البناء السابق في حالة معينة ، إذا حدث إنتقال جزئي أو تقمص نسبي من فرد لفرد آخر .

    معنى آخر للتقمص في علم النفس

    التقمص هو عبارة عن لبس القميص ، قميص الروح هو الجسد، أي أن التقمص يمثل انتقال الروح الخالدة من جسد توفى الى جسد آخر حديث الولادة حيث أن الاعتقاد في التقمص قديم جدا وقد انتشر بشكل ملحوظ .فنجد أن التقمص في الفكر الإغريقي القديم حيث أن الفكرة الرئيسية كانت هي تطهير النفس عن طريق عدة ولادات حتى تتحرر النفس الصالحة و تعود الى الطبيعية الإلهية[3].أما في الفكر اليوناني : فإن المدرسة الفيثاغورية تقول أن وجود النفس في الجسد هو عقاب للنفس إن لم تكون صالحة ، ويمكن للآلهة أن تستعاد الى جسد آخر ، ونجد ان الفكرة نفسها عند أفلاطون الذي يعتبر أن الروح الغير الصالحة تتبدل عن طريق ولادة جديدة إلى حيوان كنوع من العقاب لها من ناحية أفلاطون .قاد الفيلسوف الألماني ” شوبنهاور ” فكرة التناسخ وهى انتقال روح انسان الى انسان آخر ورفض كلا من الديانتين اليهودية والمسيحية ، لأنهما تتعارضان مع مبدأ الوجود الماضي هذا في الفلسفة ، لكن فكرة التقمص حاضرة أيضا في الديانات مثل الهندوسية والبوذية .