الرعاية الصحية عن بُعد.. هل تُلغي التقنية زيارة العيادة؟

معلومات عامة  -  بواسطة:   اخر تحديث:  2020/10/23
الرعاية الصحية عن بُعد.. هل تُلغي التقنية زيارة العيادة؟

لا يعتبر مفهوم الرعاية الصحية عن بعد من الأمور الحديثة التي ظهرت فقط في الألفية الثالثة، حيث يعود تاريخه تقريبًا إلى ستينات القرن العشرين وقد لعبت وكالة ناسا الفضائية دورًا كبيرًا في انتشاره للاطمئنان على روّاد الفضاء وأيضًا الوصول إلى المناطق النائية وخصوصًا في محميات الهنود الحُمر المتفرقة في أمريكا وبالتحديد في ولاية أريزونا.


وأصبح المصطلح أكثر انتشارًا بالتدريج لمسح البيانات الطبية للمناطق النائية والموبوءة حول العالم والتي يصعب توفير أطباء فيها، ولكن مع انتشار كوفيد 19 والتطور الكبير في التكنولوجيا الرقمية والواقع الافتراضي أخذ مفهوم الرعاية الصحية عن بعد شكلًا جديدًا.


فلماذا لا يتم الفحص الطبي ووصف العلاج اللازم ومراقبة تناول الأدوية عن بُعد أيضًا؟ وهل هذا سيصلح في كل المجالات؟


هناك بعض المجالات الطبية التي يمكن بها بالفعل الآن ودون تقنيات متطورة أن تتصل بطبيبك وتصف له الأعراض، ومن ثم يصف لك الدواء وينتهي الأمر إلى هنا، أو تطلب الأدوية عبر الإنترنت أو مراجعة نتائج الفحوصات وصور الأشعة.


ولكن الطب عن بُعد يمكن أن يتم بطرق تقنية أكثر تطورًا بحيث تقدم خدمة طبية حقيقية تكون بديلًا مؤقتًا أو حتى دائمًا عن العيادات الخاصة والمستشفيات، ومن هذه التقنيات:


 


1. المواعيد الافتراضية:


الرعاية الصحية عن بُعد.. هل تُلغي التقنية زيارة العيادة؟


وهي تعتمد على تقنية الواقع الافتراضي Virtual reality، فمن خلال مؤتمرات الفيديو عبر الإنترنت يمكن لك التواصل مع طبيبك وجهًا لوجه بتقنيات عالية الجودة بحيث يستطيع فحص الجلد والحلق وحتى الأسنان، وستضطر إلى تسجيل الدخول والإجابة على بعض الأسئلة في البداية لتسهيل عمل الطبيب ومن ثمّ يكون الفحص مباشرًا، وبالطبع الدفع سيكون إلكترونيًا إما باشتراك شهري أو سنوي أو وفقًا لكل استشارة.


واستخدام الواقع الافتراضي في التشخيص من الأمور التي لا تزال في بدايتها إلى حد كبير حتى في العيادات المتقدمة في أمريكا، وإن كان من المتوقع اتساع نطاق استخدامها مع انتشار كوفيد-19 واستمرار سياسات التباعد الاجتماعي على مستوى العالم.


2. تقنيات المراقبة عن بُعد Remote monitoring:


الرعاية الصحية عن بُعد.. هل تُلغي التقنية زيارة العيادة؟


وهي عبارة عن تقنيات تكون قابلة للارتداء مثل الساعة الذكية والتي تعتمد على تطبيقات الأجهزة المحمولة لقراءة المعلومات الصحية عن الشخص وتحميلها وإرسالها إلى طبيبك الخاص، ويمكن لهذه الأجهزة أن تقيس ضغط الدم ووظائف الرئة وضربات القلب ونسبة السكر في الدم أو الرعشة أو أنماط النوم.


يمكن اللجوء إلى هذه التقنيات على نطاق أكثر اتساعًا الآن خصوصًا في حالة الرغبة في مراقبة كبار السن أو المصابين بالخرف أو ألزهايمر واكتشاف أي تغيرات تطرأ عليهم.


3. التواصل بين الأطباء:


الرعاية الصحية عن بُعد.. هل تُلغي التقنية زيارة العيادة؟


إن التقنيات الحديثة في الطب عن بُعد لا تُستخدم فقط بين الطبيب والمريض، ولكن بين الأطباء والممرضين بعضهم البعض أيضًا، فيمكن لطبيب الاستقبال في مشفى أن ينقل تقارير الاختبارات وصور الأشعة السينية إلى الطبيب المختص.


وحتى في التخصص نفسه فيمكن لأي طبيب أن يستفيد من خبرات زملائه حول العالم بمجرد الاشتراك في مجموعات طبية متخصصة للحصول على أفضل الأساليب المتاحة في علاج الأمراض.


4. السجلات الصحية الشخصية:


الرعاية الصحية عن بُعد.. هل تُلغي التقنية زيارة العيادة؟


وهي من الأمور المنتشرة على نطاق واسع في أوروبا وأمريكا واليابان وغيرها من الدول المتقدمة، ولكنها للأسف ليست موجودة بالشكل الكافي في عالمنا العربي، فمن خلال نظام يُطلق عليه غالبًا اسم PHR، يتم تسجيل كل المعلومات المتاحة عن حالتك الصحية ابتداءً من فصيلة الدم ووجود أعراض تحسسية من أدوية أو عناصر معينة، هل لجأت إلى عمليات جراحية من قبل أم لا، وحتى تقويم الأسنان أو تركيب أي أجهزة تعويضية وغيرها. ويكون النظام متصلًا بالإنترنت وخاضع لشكل من أشكال الحماية التي لا تتيح إلا للمختصين أو أجهزة الأمن فقط بالوصول إليه، وهذا يفيد للغاية في حالات الطوارئ أو التعرض لأي حادث.


5. تطبيقات الصحة الشخصية:


الرعاية الصحية عن بُعد.. هل تُلغي التقنية زيارة العيادة؟


وهي بالفعل من تقنيات الرعاية الصحية التي أصبحت أكثر انتشارًا على مستوى العالم، فقد انتشرت بشدة التطبيقات التي يمكن تحميلها على الهواتف المحمولة الذكية والتي يمكنها تخزين المعلومات الصحية عن الشخص وإنشاء سجل بالعلامات الحيوية وتتبع السعرات الحرارية.


ويمكن لبعض هذه التطبيقات أن تعمل على توصيلك بأطباء متخصصين يعملون على وصف الدواء الصحيح لك ومراقبة نشاطك البدني ومنحك استشارات متنوعة سواء مجانية أو مدفوعة.


 


هل يمكن للتكنولوجيا الرقمية أن تلغي دور المشافي كما حدث في الصحف الورقية مثلًا؟


الرعاية الصحية عن بُعد.. هل تُلغي التقنية زيارة العيادة؟


حتى كتابة هذه السطور فمن غير المتوقع على الإطلاق أن تلغي التكنولوجيا الحديثة عمل المستشفيات والعيادات الخاصة بشكل نهائي، فحتى مع توفر الأجهزة شديدة الحداثة والتي تعتمد على الذكاء الاصطناعي وقادرة على إجراء العمليات الجراحية والعناية بالأسنان والتركيبات التي لا يمكن للمريض القيام بها بنفسه أو تحتاج إلى من لديه دراسة وخبرة بالطب.


ومع توفر هذه الأجهزة، فإن هناك حالات سيتوجب عليها إجراء اتصالات مباشرة ووجها لوجه مع الطبيب والتي سيستخدم فيها أيضًا التكنولوجيا الرقمية ولكن عن قُرب وليس عن بُعد فقط.


هل تتوفر الرعاية الصحية عن بعد في الوطن العربي؟


الرعاية الصحية عن بُعد.. هل تُلغي التقنية زيارة العيادة؟


في الواقع فإن التطبيب عن بُعد للأشخاص في المدن لم يأخذ قدره من الانتشار على مستوى العالم بشكل كبير بعد، فمثلًا هناك ولايات أمريكية انتشر بها الأمر جيدًا مثل تكساس ووست فرجينيا وكارولينا الجنوبية وكولورادو وأركنساس وغيرها، فإن معظم الولايات لم تتحقق فيها هذه الخدمة بعد.


ولكن في الوطن العربي فإن بعض البلدان مثل الإمارات العربية المتحدة مثلًا أطلقت منصة الرعاية الصحية عن بعد واسمه دائرة الصحة.


كما أن الأمم المتحدة أطلقت أيضًا موقع للطب عن بُعد.


أما المراكز الصحية التي اعتمدت هذه الخدمة في دول أوروبية يمكن للكثير من الأشخاص الاستفادة منها أيضًا حتى إذا لم يكونوا في الدولة نفسها، وذلك مثل التي يقدمها مركز فيليبس للرعاية الصحية.


ومن أكثر المجالات التي يمكن الاستفادة منها من تلك المنصات هي:


  • الحصول على استشارات طبية سواء مجانية أو مدفوعة.

  • الحصول على تشخيص سريع في الحالات الصحية غير الطارئة.

  • مناقشة خطة علاج معينة سواء وصفها أحد الأطباء أو قرأت عنها.

  • يمكن الحصول على أدوية لا تُصرف إلى بوصفة طبية أيضًا حيث يتم إرسال الوصفة أو العلاج عن طريق الإنترنت.

ولكن إجراء فحص شامل أو عملية جراحية أو تقويم للأسنان مثلًا سيتطلب وجود أجهزة معقدة تعتمد على الذكاء الاصطناعي ويُشرف عليها الطبيب عن بُعد وهو الأمر الذي من المتوقع أن يكون هو مستقبل الرعاية الصحية عمومًا ولكن إلى جوار العيادات والمشافي وليس بديلًا كاملًا عنها.