الفضائيون صامتون لأنهم أموات!

معلومات عامة  -  بواسطة:   اخر تحديث:  28-01-2016
الفضائيون صامتون لأنهم أموات!

لم نجد أي مخلوقاتٍ فضائية حتى الآن رُبما لأنهم مَاتوا بالفعل. هذا الاحتمال المحبط هو ما أظهرته بحوث جديدة تتعلق بكيفية تطور الحياة في أماكن أخرى من الكون.


هذه الفرضية تستند على ما نعرفه عن المليار سنةٍ الأولى بعد تشكل كوكب جديد. فبيئة هذا الأخير غير مُستقرة إطلاقًا، ودرجات حرارته تكون متقلبة وكذا مكونات غلافه الجوي، وكنتيجة على هذا، أصبحت فرص وجود شكل من أشكال الحياة الجديدة -التي تتطور سريعة بما يكفي للتعايش في مثل هذه البيئة ضئيلةً جدًا.


قال قائد الباحثين أديتيا شوبرا Aditya Chopra من الجامعة الوطنية الاسترالية: "ربما يكون الكون مليئًا بالكواكب الصالحة للحياة، لذلك فإن العديد من العلماء يعتقدون أنه يجب أن تعج هذه الكواكب بالمخلوقات الفضائية، غير أن الحياة في بدايتها تكون هشة وضعيفة، لذلك نحن نؤمن أنه نادرًا ما تتطور تلك الحياة بسرعة كافية من أجل البقاء".


أشار شوبرا وفريقه إلى أن البيئات الأولية لكوكب الزهرة والمريخ -قبل نحو 4 مليارات سنة في بداية تشكلها- كانت على الأرجح قابلة للسكن، مع وجود احتمالية ظهور أشكال حياة على أسطحها الصخرية. ولكن الأدلة تشير إلى أنه بعد سنوات عديدة (ما يقارب مليار سنة) من تشكل هذه الكواكب، كان الزهرة يسير في طريقه ليصبح كرة ساخنة تشتعل ببطئ كما هو حاله اليوم، و لكن المريخ فعل العكس – فقد انخفضت درجات الحرارة فيه كثيرًا، وأي بداية لحياة مُتوقعٍ تشكلها على سطحه فإنه من المحتمل أن تكون تجمدت وانتهت من على الوجود.


 


ولكن هل تساءلت يومًا ما الذي يجعل الأرض مميزة لهذه الدرجة؟


تبين، أننا السبب، أو على الأقل أقرب أجدادنا. إذ يشير الباحثون إلى أن نجاح الحياة على الأرض يُعزَى إلى أن أقدم أشكال الحياة كان له تأثير على استقرار البيئة سريعة التقلب. و أضَاف شوبرا قائلًا: "إن معظم البيئات الكوكبية الأولية غير مستقرة. و لإنتاج كوكب صالح للسكن، تحتاج أشكال الحياة لتنظيم غازات الدَّفيئة مثل الماء وثانِي أكسيد الكربون للحفاظ على استقرار درجة حرارة السطح".


و من ثم قام الباحثون بصنع محاكاة لهذا السيناريو باستخدام نموذج يسمى Gaian bottleneck، فإذا كانت الحياة لا يمكنها أن تتطور بسرعة كافية لتحقيق الاستقرار في بيئتها، فإنها سَوف تنتهي، و إذا أرَدت مثالاً فكَوكبا الزهرة والمريخ خير مثال علي ذلك. وينص نموذج Gaian bottleneck على أنه إذا كنت لا تستطيع التأقلم خلال فترة قصيرة من العيش في تلك البيئة القاسية ولكن الممكنة للعيش بها، فإن فرصتك قد تكون انتهت.


ونحن نعلم من الأبحاث السابقة أن الحياة على الأرض تمكنت من التطور بسرعة كبيرة، فاستطاعت تنظيم انبعاثات غازات الدفيئة على مقياس كوكبي، وظهر هذا كتأثير إيجابي على ما يعرف بانعكاسية كوكبنا وهي نسبة الإشعاع المنعكس على نسبة الإشعاع الممتص.


 


و هو أمر مُهم، لأنه في مرحلة تشكل الأرض، كانت إضاءة الشمس أقل مما هي عليه الآن بمقدار 25 في المائة، والغريب في الأمر أن كل الدلائل تشير إلى أن المحيطات كانت في حالة سائلة، أو على الأقل ليست متجمدة تمامًا. ويُعرف هذا السيناريو الذي يبدو مستحيلاً بمفارقة خفوت الشمس الوليدة (the faint young Sun paradox).


ولكن دعنا نعُد بالزمن إلى عام 2012. ففي هذه الفترة، توصَّل الباحثون في الولايات المتحدة إلى تفسير ممكن، و هو أن التركيزات العالية للغازات الدفيئة المُسببة للاحترار، مثل ثاني أكسيد الكربون (CO2)، والتي جرى تنظيمها من قبل الحياة البدائية، قامت على الأرجح بإبقاء الكوكب دافئاً بما فيه الكفاية حتى من قبل أن تستطيع الشمس القيام بهذا الدور. ضَمِن هذا الأمر نجاة كوكب الأرض من أن يكون كرة من الثلج مثل معظم الكواكب الصخرية التي نعرفها اليوم.


فالتأثير المتبادل بين هذه البقع الكبيرة من المِياه المُتجمدة والسَّائلة على سطح الأرض تفاعل مع الإشعاعات، وأنشأ انعكاسية كوكب الأرض، التي حددت في النهاية درجة حرارة سطحه.


ويوضح كامبل سيمبسون Campbell Simpson في مجلة Gizmodo: "في بعض الحالات النادرة للغاية - مثل كوكب الأرض – فإن التطور السريع نسبيًا من كائنات أحادية الخلايا إلى كائنات متعددة الخلايا إلى أشكال الحياة المعقدة لم يُنتج ما يكفي من الغازات الدَّفيئة لحُدود ردود الفِعل السِّلبية الجامحة وتدفئة الكوكب بما فيه الكفاية لتتبخر كل المياه السَّائلة. واعتمادًا على دقة نموذج Gaian bottleneck، فإن هذا الشيء الخاص والفريد من نوعه حتى الآن هو الذي أبقانا على قيد الحياة."


و لكن السؤال هو ماذا إذا كنا نستطيع إثبات هذه الفرضية بطريقة أو بأخرى، والإجابة على المشكلة التي تطرحها مفارقة فيرمي (Fermi paradox): إذا كان الكون مساحة هائلة، مليئة بتريليونات وتريليونات النجوم ذات احتمالية أن تكون دائمة الحياة والكواكب الصالحة للحياة، فلِم لم نجد أي مخلوقاتٍ فضائية؟


قال أحد أعضاء الفريق، الفلكي تشارلز لينويفر Charles Lineweaver: "إن لغز عدم عثورنا حتى الآن على علامات لوجود مخلوقات فضائية قد يكون ذا تأثيرٍ بسيط على احتمالية أصل الحياة أو الذكاء ولكنه يمتلكُ تأثيراً قوياً على ندرة الظهور السريع للتنظيم البيولوجي لدورات التغذية الراجعة على أسطح الكواكب".


نُشِرت الدراسة في مجلة Journal Astrobiology، وقام الفريق أيضاً بنشرها هنا مع حرية الوصول إليها، وذلك لتشجيع العلماء الآخرين على الاطلاع عليها والبحث فيها.


و لكن ماذا إذا كان اقتراحهم ينتهي بمطابقة ما حدث فعلاً خلال كل تلك المليارات من السنوات؟


سوف تكون خيبة أمل كبيرة إذا كانت حياة المخلوقات الفضائية انتهت قبل أن تكون لدينا أي فرصة للقائهم. لكننا أيضًا محظوظون بطريقة لا تصدق، لأننا لم ننته مِثلهم وما زلنا على قيد الحياة.