الهندسة المدنية وأهميتها للحضارة الإنسانية

معلومات عامة  -  بواسطة:   اخر تحديث:  ١٥:٤٤ ، ٢٨ ديسمبر ٢٠١٧
الهندسة المدنية وأهميتها للحضارة الإنسانية

الهندسة المدنية

الهندسة المدنية هي المهنة التي يتم فيها توظيف قوى الطبيعة والموارد المختلفة لصالح الإنسان وتوفير الرفاهية له، وهي عبارة عن مهنة يتم فيها تطبيق العلوم الفيزيائية، بالإضافة إلى المعرفة التي يمتلكها الإنسان والتي تشتمل على خبرته وحصيلته العلمية؛ لتطوير طرق استغلال الموارد المختلفة؛ لتقديم التسهيلات للمجتمع وتحسين البيئة ومختلف نواحي الحياة الاقتصادية كالصناعة، ولتأسيس منشآت هامة للفرد للاستفادة منها على أكمل وجه، فهي فنّ يوجه الموارد ويهيّئها للاستعمال البشري بما يتناسب مع الإنسان.[1]

وفي الهندسة المدنية يتم تطبيق مبادئ الفلسفة الطبيعية بشكل عملي، وإنّ من أهم مجالات تطبيق الهندسة المدنية هي: إدارة الطرق، والجسور، والسكك الحديدية، وقنوات الملاحة البحرية، وقنوات جرّ الأنهار، وبناء السفن والمراسي، والحواجز، وحوائل الأمواج، والمستودعات، والمنارات، والمولات، وغيرها الكثير بما يتعلّق بالصناعة والتجارة، والجدير بالذكر أنّ استخدام مصطلح الهندسة المدنية للمرة الأولى كان في القرن الثامن عشر، وكان الهدف من استخدامه هو التمييز بين ممارسات الهندسة المدنية عن تلك المرتبطة بالجيش؛ أي الهندسة العسكرية، وكان أول من لقّب نفسه بالمهندس هو الإنجليزي جون سميتن، واستخدم مصطلح الهندسة المدنية لتمييز عمله لزبائن طواحين الهواء، والموانئ، والمنارات، والأعمال الأخرى التي تختلف عن الأعمال العسكرية.[1]

إنّ الهندسة المدنية واحدة من أقدم التخصصات الهندسية؛ حيثُ يظهر أثرها جليّاً في أهرامات مصر، وأنظمة الطرق التي أسّسها الرومان، كما ترتبط بالقطاع العام والقطاع الخاص،[2] فتتوافر فرص العمل للمهندسين المدنيين في القطاعين، ويمكن القول أنّ نطاق الهندسة المدنية واسع جداً ويُمكِّن العاملين بها من الحصول على وظائف هامة ومرموقة للغاية، وقد ازدادت الحاجة إلى المهندسين المدنيين في يومنا هذا؛ بسبب ازدياد الحاجة إلى تطوير الطرق والمباني وجعل حياة الناس آمنة أكثر وتسهيلها عليهم.[3]

أهمية الهندسة المدنية

للهندسة المدنية أهمية كبيرة في حياة الإنسان، فلو نظر الفرد إلى المنزل الذي يعيش فيه، فلا بد أن يدرك مشاركة المهندس المدني في عملية البناء؛ إذ إنّ مختلف مخططات ورسومات المنازل يجب أن يتم عرضها على مهندس مدني قبل تنفيذها، كما تساهم الهندسة المدنية بشكل كبير في مجال النقل والبيئة، فيقوم المهندس المدني بتصميم الطرق وصيانتها، وتصميم الطرق السريعة، والجسور، وبناء مدارج المطارات، كما يدرس المهندسون المدنيون حركة المرور ويقترحون الطرق الأمثل للسيطرة عليها، ويعمل العديد من المهندسين المدنيين في مجال الهندسة البيئية؛ حيث يساهم ذلك في تصميم شبكات الصرف الصحي لبناء بيئة سليمة، مثل تصميم وإنشاء القنوات والمساهمة في تصميم بنية تحتية أفضل.[4]

مجال الصحة العامة


ترتبط الهندسة المدنية بالصرف الصحي والتخلص من النفايات السائلة ارتباطاً كبيراً؛ إذ إنّها تدخل في مجال مكافحة التلوث وإعادة استخدام المياه وتدويرها، كما تعمل على تنظيم الأنهار للحدّ من الفيضانات والعمل على مكافحتها، وقد أدّى توظيف الهندسة المدنية في الحضارة الحديثة إلى التخلص من النفايات الصلبة، ابتداءً من تصنيع السلع المُعمِّرة، كالسيارات، والثلاجات التي تَنتُج بأعداد كبيرة، وتحويلها إلى كميات ومجموعات أصغر يمكن إعادة تصنيعها والاستفادة منها، ويكمن دور المهندس المدني في البيئة في تعزيز البيئة الصحية السليمة وتجنُّب التلوث وحدوث الأضرار.[5]

مجال النقل


يتجلّى دور الهندسة المدنية في مجال النقل والمواصلات في بناء الأرصفة والجسور، ويظهر ذلك منذ القِدَم في العصر الروماني؛ حيثُ إنّ أرصفة مك آدم وجسور بيرونيت كانت من أعمال مهندسين مدنيين، أمّا القنوات التي أُنشئت في القرن الثامن عشر، والسكك الحديدة التي أُنشئت في القرن التاسع عشر، فهي التي منحت الثورة الصناعية قوّتها من خلال توفير آلية النقل الجماعي؛ مما أدى إلى زيادة السرعة في النقل والتوفير الاقتصادي، أما اليوم فيهتمّ المهندسون المدنيّون في دراسة حركة المرور، وتصميم أنظمة الطرق، وبناء الجسور، والأرصفة، والسدود، والأنفاق.[5]

مجال الطاقة


وللهندسة المدنية دور كبير في مناجم الفحم وعمليات التعدين، كما أنّ إنشاء الأنفاق وقيادة الأمور المتعلقة بها تُعدّ مهمة مشتركة بين فروع الهندسة المدنية كافة، وفي القرن العشرين تطوّر تصميم محطات توليد الطاقة بسبب تزايد استعمال الطاقة الكهربائية، كما استُخدِمَت محطات الطاقة النووية في التصميم والبناء، كما أدّى اكتشاف الغاز الطبيعي واستغلال حقول النفط بكميات كبيرة إلى حدوث تغييرات جذرية في إنتاج الغاز وفي مجال الطاقة.[5]

مجال البناء


تلعب الهندسة المدنية دوراً كبيراً في مجال البناء، وقد كان لتطوُّر الخرسانة والصُّلب أهمية كبيرة في تطور التصميمات الهندسية، كما للمهندس المدني دور كبير في تحليل شكل البناء وعلاج مشكلاته، وتحديد الشكل الهيكلي له.[5]

المجال البحري


للهندسة المدنية دور مشهود في بناء السفن وإنشاء الميناءات الكبيرة والضخمة، ويُعدّ هذا الأمر مدخلاً للمنشآت الصناعية الهامة والمواد الخام، كما أنّه منفذ للبضائع ولعملية نقلها، فقد تتطلّب التوسع في عملية التجارة إلى وجود سفن كبيرة الحجم لزيادة حمولتها ونقل كمية أكبر من البضائع وبسرعة أكبر، وتُعتبَر السدود اليوم من أهم أعمال البناء، وخاصة في الأماكن السكانية ذات التركيز العالي، والجدير بالذكر أنّ للحكومات رقابة عالية على المهندسين المؤهّلين لتصميم السدود وإنشائها.[5]

الهندسة المدنية في الحضارة الإنسانية

وتظهر أهمية الهندسة المدنية للحضارة الإنسانية على مر العصور من خلال تاريخ ظهورها وتطوّرها؛ حيث استخدم الإنسان الكهوف كمأوى لحماية نفسه من الظروف البيئية القاسية، كما استخدم جذوع الأشجار لعبور الأنهار، وقد بدأت الهندسة المدنية بالتّجلّي في مصر القديمة وبلاد الرافدين؛ حيث بدأ البشر في التخلُّص من حياة البداوة شيئاً فشيئاً من خلال بناء مأوى لهم، ويعتبر بناء الأهرامات في مصر من أوائل حالات انتشار المنشآت الهندسية الضخمة، أما في اليونان فظهرت آثار الهندسة المدنية بوضوح في أنظمة إدارة المياه في القنوات، وفي الصين في بناء سور الصين العظيم، كما طوّر الرومان إمبراطوريّتهم وبنوا الهياكل الضحمة في جميع أنحائها، وأسسوا قنوات خاصة بهم بالإضافة إلى السدود، والجسور، والمرافئ، كما تشهد أعمال الري التي تتميّز باتساع نطاقها في أنورادهابورا على مدى أهمية الهندسة المدنية في هذا المجال.[6]

ومن المباني التاريخية الرائعة التي تشهد على أهمية الهندسة المدنية قناة سنحاريب في جروان التي بُنيَت في 691 ق.م، وهناك أيضاً جسر يوليوس قيصر الواقع على نهر الراين والذي بُنيَ في 55ق.م، بالإضافة إلى الجسور التي بناها الرومان في روما وما حولها، وقد بنى الرومان أيضاً نظاماً كبيراً وواسعاً من القنوات والطرق السريعة والتي سهلت بدورها عملية التجارة والمناورة السريعة، وفي الهند شيّد الهنود أنظمة ري ذات نطاق واسع، وفي ذروة إمبراطورية الإنكا بُنيت أعجوبة هندسية في وسط جبال الأنديز بمشاركة من مهندسي الموارد المائية الأبرع في التاريخ، وهذه الأعجوبة هي ماتشو بيتشو، وهي مدينة جبلية تتخلّلها المياه الجارية وأنظمة الصرف الصحي، بالإضافة إلى وجود الهياكل الحجرية المُتقَنَة والمتقدّمة التي بقيت صامدة لأكثر من 500 عام، ومن الأمثلة على المنهج العلمي لحل المشاكل المادية والرياضية التي تتعلّق بالهندسة المدنية أعمال أرخميدس، والتي دعمت خاصية الطفو، وقدّمت العديد من الحلول العمليّة للمشكلات التي تواجه المهندس.[6]

المراجع