قوم ثمود
قوم ثمود هم قوم من العرب العاربة، كانوا يسكنون منطقةً تُسمّى الحِجر، تقع بين الحجاز وتبوك، وقد مرّ الرسول صلى لله عليه وسلم مع المسلمين من مكانهم ذاك أثناء ذهابهم إلى تبوك. سُمِّي قوم ثمود بهذا الاسم نسبةً إلى جدهم ثمود أخي جديس، وقد كان زمانهم بعد قوم عاد؛ أي قوم هود عليه السلام، وكانوا على شاكلتهم من الكفر بالله وعبادة الأصنام، فأرسل الله تعالى إليهم رسولاً منهم؛ هو صالح بن عبد بن ماسخ بن عبيد بن حاجر بن ثمود، فأخذ يدعوهم إلى الله تعالى ويأمرهم بترك عبادة الأصنام، فآمن بعضهم وكفر أكثرهم، وأخذ الذين كفروا بما جاء به ينالون منه مرّةً بالأقوال ومرّةً بالأفعال، وظلّوا يُؤذونه حتى همّوا بقتله بعد أن قتلوا الناقة التي جاءهم بها معجزةً وبيِّنةً من الله تعالى على صدق نبوته ودعوته، فأخذهم الله حينها بكفرهم أخذ عزيز مُقتدر، جزاءً لكُفرهم وعِنادهم ومخالفتهم أوامر الله تبارك وتعالى ورسوله الكريم.
تدور أحداث قصة ثمود وصالح عليه السلام حول أمور رئيسة، أوّلها دعوة صالح عليه السلام قومه للإيمان بالله والإنابة إليه وترك عبادة الأصنام، ثمّ الحديث حول المعجزة التي جاء بها عليه السلام وهي الناقة، بعدها تذكير قوم ثمود بنعم الله تعالى عليهم، وكذلك الإنكار عليهم لشركهم بالله واستمرارهم على الفساد والطغيان والتجبّر والحرص على الدنيا بدلاً من الآخرة، ثمّ جاء توضيح موقف قوم ثمود من رسالة صالح عليه السلام، وسخريتهم منها واستهزائهم برسول الله عليه السلام، وآخرها بيان عاقبة الظالمين الذين يكفرون بالله ويستهزئون برسوله ويرفضون الإذعان لعبادة الله وحده، وكذلك بيان عاقبة المستجيبين لدعوة الله، القائمين بما أمرهم الله تعالى.
ناقة صالح عليه السّلام
كانت معجزة رسول الله صالح عليه السلام لقومه هي الناقة، وقصة هذه الناقة أن ثموداً قالوا لنبي الله صالح عليه السلام: ائتنا بآية إن كنت صادقاً في دعوتك وكنت بالفعل رسولاً من الله تعالى، فقال لهم صالح عليه السلام أن يخرجوا إلى هضبة في الأرض، فلمّا خرجوا إليها وجدوها تتمخّض كأنما هي حامل تتمخض عن مولودها، ثمّ شاء الله تعالى أن تنفرج هذه الصخرة وتخرج من وسطها ناقة، حينها قال لهم صالح عليه السلام في قوله تعالى: (هَٰذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً ۖ فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ)،
لمّا رأى قوم ثمود الناقة التي أخرجها الله سبحانه وتعالى لهم، رأوا فيها آيةً مبهرةً، ودليلاً ساطعاً على صدق رسولهم صالح عليه السلام، فآمن كثير منهم، إلا أن أكثرهم ظلّوا على كفرهم وجحودهم وإنكارهم لدعوة رسولهم عليه السلام، قال تعالى في ذلك: (وَآتَينا ثَمودَ النّاقَةَ مُبصِرَةً فَظَلَموا بِها)،
هلاك قوم ثمود
لمّا عقر قوم ثمود الناقة استحقّوا العذاب الأليم الذي توعّدهم الله تعالى به، حينها قدّر لهم صالح عليه السلام مدّة ثلاثة أيام حتى ينزل بهم ذلك العذاب، قال تعالى: (فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ۖ ذَٰلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ)،
العذاب الذي أصاب قوم ثمود في مواضع عديدة، وعبّر عنه في كل مرة بلفظ مختلف، فمرّةً سماه الصيحة، ومرّةً سمّاه الرجفة، ومرة الطاغية، وفي أخرى الصاعقة، وهذه الكلمات قريبة من بعضها في المعنى فلا تعارض بينها، وكلّها تدلّ على شدّة العذاب الذي تعرض له ثمود قوم صالح عليه السّلام.
دروس مستفادة من قصة قوم ثمود
يُستفاد من قصة قوم ثمود مع نبيّهم صالح عليه السلام عدد من الدروس والعِبر، منها ما يأتي:
- ضرورة البذل في الدعوة إلى الله تعالى والثبات والإصرار عليها، فهذا ما فعله صالح عليه السلام مع قومه رغم تكذيبهم له.
- العُقلاء من الناس هم الذين يتعلمون ويعتبرون من آثار الظالمين، فلا يقومون بما قاموا به، ولا يفعلون فعلهم أو يحذون حذوهم.
- الإيمان بالله تعالى إذا تمكّن من قلب الإنسان جعله قلباً شجاعاً، وملأه قوةً وإقداماً.
- على الإنسان أن يستعمل نعم الله تعالى بما يرضيه ويؤدّي شكرها، وإلا فإنها تنقلب عليه نقماً.
- من المهمّ في الدعوة استخدام الأسلوب المنطقي الحكيم، فيجادل الداعية غيره بالحكمة والموعظة الحسنة كما فعل صالح عليه السلام مع قومه.
المراجع
- 1 - قصة صالح نبي ثمود عليه الصلاة والسلام , www.library.islamweb.net , 2018-4-30. بتصرّف. .
- 2 - قصة النبي صالح عليه السلام في القرآن , www.articles.islamweb.net , 2016-9-30، 2018-4-30. بتصرّف. .
- 3 - سورة الأعراف، آية: 73. .
- 4 - سورة الشعراء، آية: 155. .
- 5 - الناقة معجزة صالح عليه السلام , www.fatwa.islamweb.net , 2006-3-29، 2018-4-30. بتصرّف. .
- 6 - سورة الإسراء، آية: 59. .
- 7 - سورة الشعراء ، آية: 155-156. .
- 8 - سورة الشعراء ، آية: 155. .
- 9 - سورة الأعراف، آية: 77. .
- 10 - سورة هود، آية: 65. .
- 11 - سورة هود، آية: 67. .