سيكولوجية الأمومة

معلومات عامة  -  بواسطة:   اخر تحديث:  آخر تحديث:
سيكولوجية الأمومة

مفهوم الأمومة

الأمومة (بالإنجليزية: Motherhood) كلمة عظيمة تحمل في طياتها العديد من المعاني والمشاعر، فهي تُعبِّر عن صلة الأم بطفلها، وغالبًا ما يُشار لحاملة هذه الكلمة بالوالدة، فيما يأتي المعنييْن اللغويّ والاصطلاحي لمفهوم الأمومة:[١]

المعنى اللغوي لكلمة الأمومة

الأمومة لغةً تعني صفة الأم أو حالتها؛ فيُقال: عرَفت معنى الأمومة الحقّة بعد أن صارت أمًّا، وتُعبِّر الأمومة أيضًا لغةً عن رابطة تصل الأم بأبنائها؛ فيُقال بأنّ رابطة الأمومة هي أقوى الروابط الإنسانية.[٢]

المعنى الاصطلاحي للأمومة

الأمومة اصطلاحًا هي العلاقة بيولوجية والنفسية التي تجمع بين المرأة وأطفالها أو أبناؤها الذين تُنجبهم وترعاهم؛ أي أنّ الأمومة هي المعنى الشامل للعلاقة البيولوجية والنفسية معًا وليس واحدة دون الأخرى؛ أي أنها تُنجب وتربي وتتعلق بأبنائها.[٣]

علم سيكولوجية الأمومة

علم سيكولوجية الأمومة هو علم نفس الأم؛ والذي يهتم بمرحلة انتقال المرأة من مرحلة الأنوثة إلى مرحلة الأمومة أو النضج باعتبارها مرحلة نمو فريدة من نوعها تمرّ بها الأنثى، يبحث علم سيكولوجية الأمومة جوانب تكيّف الأم مع الحمل والأمومة، كما يدرس الفروق الفردية الخاصة بكل أم، والتي تشمل نقاط القوة النفسية التي تمنح الأم مزيدًا من المرونة في التعامل مع أمومتها وحياتها الجديدة، ونقاط الضعف المتمثلة في الضيق أو الاكتئاب الذي قد يستمر إلى ما بعد الولادة، ويدرس هذا العلم مدى تكرار هذه الأعراض وتفاقمها.[٤]

أثر الأمومة النفسي على الأم

للأمومة أثر نفسي كبير وطبيعي على الأم يبدأ معها منذ بداية حملها بجنينها وفترة ما بعد الولادة؛ ففي مرحلة الحمل مثلًا، تشعر بعض النساء بالقلق والاكتئاب وتقلبات المزاج حيال المرحلتيْن الحالية والقادمة، وتتكيف نساء أخريات نتيجة التغيرات الجسدية الحاصلة أثناء الحمل وتغيرات الجسم بشكلٍ أكثر مرونة وحبّ مع فكرة الأمومة القادمة.[٥]

تتسبب الأمومة في شعور الأم بعواطف متناقضة حول الشيء ذاته؛ إذ تشعر الأم بسعادةٍ كبيرة عندما ترى طفلها يكبر ويتطوّر اجتماعيًا، لكنّها تشعر بالضيق أيضًا بسبب عدم تواجده الدائم حولها، إضافةً لذلك، تعزّز الأمومة لدى الأمهات شعور الخوف من فقدان أطفالهن.[٦]

من ناحيةٍ أخرى، تؤثّر الأمومة على دماغ الأم في الجزئية المتعلّقة بصنع القرارات؛ إذ يُصبح الطفل ورفاهيته أولوية الأم عند اتخاذها للقرارات، ليسبق بهذا أية رغبات أخرى لديها، ويعود هذا وفقًا للدراسات المتعدّدة إلى القشرة الحوفية (The Infralimbic Cortex) في الدماغ، والتي تعزّز تفاني الأم لأبنائها؛ والتي عندما تكون نشطة، ستجعل الأم تختار طفلها أولًا.[٧]

الأمومة مجموعة من المشاعر والعواطف التي تختلط ما بين الإيجابية والسلبية بدءًا من حمل المرأة بجنينها وإلى ما بعد ولادتها؛ فتحمل الأم مشاعر الحب، والتعلّق، والاهتمام والتضحية إلى جانب الخوف والقلق والاكتئاب.

أنواع الأمومة

للأمومة عدة أنواع ترتبط بالدور الذي تؤديه الأم والرابطة التي تربطها بطفلها، وذلك وفقًا لما يلي:

الأم الكاملة

يُعتبر هذا النوع من أقوى أنواع الأمومة، فالأم الكاملة هي التي تلد أطفالها وتُرضعهم وترعاهم وتربيهم إلى أن يكبروا؛ أي أنّ الأم بهذا المفهوم تشمل المعنييْن البيولوجي والنفسي معًا، وتقوم الأم الكاملة بأدوارها كافّة نحو طفلها، بدءًا من الحمل بالجنين تسعة أشهر وتحمل مشاق هذا الحمل وما قد يُصاحبه من وحام وتعبيْن جسدي ونفسي، ثم تحمُّل مشاق الولادة وتعب ما بعد الولادة.[٣]

وإنّ مشاركة الجنين الطويلة أمِّه الجسد والأعصاب والنفس وبما تحمله هذه المشاركة من مشاعر الحب والألم؛ هي التي تولّد الأمومة الكاملة وتمنح الأم الحب والحنان والعطف وبذل العطاء والصبر تجاه أبنائهن.[٣]

الأم البيولوجية فقط

يُشير هذا المصطلح إلى الأم التي حملت بطفلها وولدته دون أن تربّيه؛ أي تخلّت عنه لأي سبب من الأسباب كالطلاق أو الفراق أو الموت؛ فوظيفة الأم البيولوجية تتمثل بالحمل ومعاناته لحين ولادة الطفل دون التدخل بتربيته؛ وفي هذه الحالة تكون الرابطة قوية وعميقة بابنها من طرفها فقط ولكن بالنسبة للطفل أو الطفلة فهي ليس كذلك.[٣]

فالأبناء لا يُدركون أو يشهدون الأمومة البيولوجية وإنّما يُدركون الأمومة النفسية فقط.[٣]

الأم النفسية فقط

يُشير معنى كلمة الأم النفسية إلى أنّ هذه الأم لم تحمل وتلد الطفل وإنما تبّنته أو تكفلت بتربيته ورعايته بعد فقدانه أمه البيولوجية، أي تتمثّل وظيفة هذه الأم في رعاية الطفل وتربيته والاهتمام به والعطف والحنو عليه لحين يكبر، وهذه الأمومة يُدركها الطفل ويعيها أكثر من البيولوجية؛ لأنه شهدها واستمتع بها، كما أنّ الأمومة النفسية تُقسم إلى قسمين؛ هما الأمومة الراعية وتتضمن كل من الحب والحنان والعطف والحماية والدلال، والأمومة الناقدة التي تتضمن النقد والتوجيه والتعديل والأمر والنهي والسيطرة والقسوة أحياناً.[٣]

يُشار إلى أنّ تطوّر العلاقة بين الأم وطفلها يتخطى الحاجات البيولوجية؛ فما يُعزّز تعلّق الابن بأمّه هو طبيعة التفاعل بينهما؛ والمتمثّل في الاحتضان والكلام اللطيف والحنو.[٨]

مفهوم غريزة الأمومة

غريزة الأمومة (بالإنجليزية: Maternal Instinct) هو مصطلح شائع يرتبط بالأم؛ وتُشير كلمة (غريزة) بحسب ما ذكرته عالمة النفس وأستاذة علم النفس الطبي الدكتورة كاثرين مونك إلى شيء فطري أو طبيعي يتضمن استجابة سلوكية ثابتة نتيجة محفّزات معينة، أمّا مفهوم غريزة الأمومة فيُشير إلى وجود معرفة فطرية عند الأم تدفعها لتقديم سلوكيات تلقائية -كتقديم الرعاية- عندما تُصبح أمًّا، وهو ما يُحفز الأم على إنجاب الأطفال وحب ذلك من ثم معرفة ما يجب عليها القيام به منذ وصولهم وتعلم ما يصلح أن تقوم به لأجلهم وما لا يصلح.[٩]

يعتقد الكثيرون أنّ غريزة الأمومة تبدأ مع ولادة الطفل مباشرة، لكن ووفقًا للدراسات فإنّها تبدأ بعد أيام من الولادة، وأحيانًا بعد أشهر؛ لذلك على الأمهات اللاتي يستغرقًا وقتًا للإحساس بها ألّا يشعرن بالفشل؛ بل البحث عن وسيلة للدعم والمساعدة.[٩]

أثر الأمومة على الطفل

فيما يلي أثر تواجد الأم في حياة الطفل، وأثر عدم تواجدها:

أثر تواجد الأم في حياة الطفل

لوجود الام في حياة طفلها آثار أبرزها:[١٠]

  • شعور الطفل بالحب والحنان والعطف منذ مرحلة الرضاعة إلى ما بعدها؛ نتيجة لما تُقدّمه الأم لطفلها من رعاية واهتمام وحب.
  • تنمية الثقة بالنفس لدى الطفل؛ وذلك نتيجة احتواء أمه له، وتقبّلها تصرفاته، وتهيئة جو مناسب لتنمية مهاراته وطموحاته.
  • الاعتماد على النفس من خلال ما تُكلفه به الأم من مسؤوليات تتناسب وعمره، ومع مرور الوقت يُصبح الطفل قادرًا على حل مشاكله ومواجهة التحديات التي تُعيقه.

أثر عدم تواجد الأم في حياة الطفل

لعدم تواجد الأم على حياة طفلها آثار أبرزها:[١١]

  • تدني احترام الطفل ذاته وشعوره بالخجل مما يؤدي لفقدانه الثقة بنفسه وبمن حوله؛ وذلك ناتج عن اعتقاده بأنّه غير محبوب أو لا يستحق الحب.
  • صعوبة في تكوين علاقات مع الآخرين.
  • تكوين سلوك معادي للمجتمع والمعاناة من مشاكل عاطفية.

الخلاصة

الأمومة لغةً هي وصف لكل أنثى أصبحت أم، وتُشير اصطلاحًا إلى علاقة الأم بأطفالها علاقة نفسية وبيولوجية، وهذ بهذا المفهوم تُشير إلى الأمومة الكاملة أيضًا، أمّا الأنواع الأخرى من الأمومة فتتمثل في الأمومة النفسية التي تُقدّم فيها الأم الرعاية والتربية والاهتمام بطفلها دون أن تنجبه، والأمومة البيولوجية التي تُنجب دون أن تربّي؛ لأي سبب.

ويُشار إلى أنّ علم سيكولوجية الأمومة هو العلم الذي يبحث في مرحلة انتقال المرأة لمرحلة الأمومة بدءًا من الحمل وإلى ما بعد الولادة، ويدرس المشاعر المرتبطة بهذه المراحل المختلفة سواء كانت إيجابية أو سلبية.

المراجع