توالي الحاجات موجبات الفترة أو العصر الذي تظهر فيه؛ فالـ”حاجة هي أم الاختراع” دائماً. ومنذ أن بدأ الإنسان بالحياة البدائية على وجه الأرض، وهو يحاول اكتشاف العالم، ونفسه، واكتشاف نفسه من خلال العالم المحيط به. ومع تعدد حاجته للمأكل، والملبس، والمسكن -وكل ما اتخذ هيئة بدائية بالطبع-ظهرت الحاجة لتوفير بعض الحاجيات والتي كانت دائماً بحوزة الغير، ومقارنة بما هو في حوزة المحتاج، ظهرت الفكرة الأولى للتبادل القائم على البيع والشراء دون وجود أي معنى للنقود وقتها، حيث كان المعنى المفهوم ساعتها هو “المقايضة”.
ابرز سلبيات المقايضة
لا تعتمد المقايضة مقياس واحد أو محدد للتبادل؛ فهي متعددة الصور، ولهذا تتيح مزيداً من الغش أو الاحتيال.نادراً ما تتفق رغبات البائع والمشتري في الوقت ذاته.لا يمكن تقسيم السلع إلى أجزاء.لا يوجد وسيلة عامة، او شائعة يُتفق عليها لتخزين القيمة المدفوعة.لا يوجد نظام لحماية حقوق المستهلك، وهذا يعني أنه ربما تعرض بضاعتك أو خدمتك للتبادل مع خدمة أخرى ضعيفة أو غير مفيدة.عدم وجود ثقة من الأساس في التعامل مع البائع؛ والذي قد يفتقر إلى الخبرة أو الكفاءة في التعامل.ولقد تسببت العيوب السابقة في توقف التعامل بنظام المقايضة، وظهور الحاجة لوجود نظام آخر يلغي العيوب السابقة، ويكون أكثر قوة وتعميماً لتعاملات اقتصادية عديدة.هذا بالإضافة إلى إدراك الإنسان لمزايا العمل مفرداً، والتي بدأت في أثناء انتقاله من مجتمع لآخر، وزيادة معرفته بشكل أكبر بتقسيم العمل.
كيف اختلفت المقايضة حديثا
ظهرت مزايا المقايضة في العصر الحديث بشكل قوي، خاصة بعد مرور الأفراد بفترات البطالة، أو وجود رغبات لا يُمكن أن تنفذ بسبب ضعف الموارد المادية.فمثلاً، أصبح بإمكان الأفراد مقايضة منازلهم بممتلكات أخرى، وهو ما يحدث بسهولة في حالات السفر أو الهجرة.وقد يحدث التبادل بالمنازل أيضاً، مع أصدقاء العائلة والذين يعيشون في مكان آخر؛ ويمكن أن يحدث ذلك لأسبوعين مثلاً أو شهر وفقاً لفترة العطلة ، أو السفر من أجل العمل، وما إلى ذلك من أمور.هناك أيضاً ما جعل بالإمكان مقايضة الألواح الإلكترونية بأجهزة الحاسوب المحمولة.ونزحت المقايضات لأدوات ومعدات أكثر؛ فتم مقايضة جزازات الأعشاب بأجهزة التلفاز.ميزة أخرى تظهر للمقايضة في العصر الحديث؛ وهي أنك لست مقيداً بتبادل خدمة نظير خدمة؛ فيمكنك مثلاً تقديم جهازاً لديك مقابل خدمة تريد الحصول عليها، والعكس صحيح؛ فإن أمكنك تصليح الدراجة، أو ضبط محرك السيارة لأحدهم ، فيمكنك الحصول على حذاء التزلج مثلاً.كما قد غدت الأوساط التي يتم من خلالها المقايضة أكثر يسراً؛ فبعد أن أصبح العالم كله ” قرية صغيرة” بفضل الإنترنت، زاد ذلك من مساحة التواصل للأشخاص وتبادل الخدمات أو السلع بناءاً على الاحتياجات الفردية أو الأسرية .[2]رغم الانفتاح الذي يحياه العالم في الفترة الأخيرة، والذي يتيح كم هائل من الاختيارات من أجل تحقيق الأهداف بدءاً من تلك المتناهية الصغر إلى أعظمها درجة. إلا أن أكثر العواقب التي تواجه المقايضة هو عدم وجود ضمانات كافية لجودة الخدمات أو السلع المُقدمة، فضلاً عن الثقة في القائم بعملية التبادل كبائع بشكل خاص.ويأتي وقت التسليم كعيب آخر يواجه أولئك المقبلين على نظام المقايضة ويشتتهم عن الرغبة في الاستلام، خاصة إذا اعتمد الأمر على انتظار شحنة جمركية، أو انتظار حقيبة سفر أحدهم .ولكن، نحن الآن أما سؤال يبدو ي غاية الأهمية؛ فهل أصبح من العسير تحقيق المال في عصرنا الحديث؟تتعدد منافذ وسبل العمل، حتى أصبح بكل مؤسسة عمالية إمكانية للعمل من المنزل لوظيفة أو أكثر. وعندما سادت ثقافة العمل من المنزل، زحف الجميع يسعون لتحقيق أموالاً طائلة. ربما لا تزال المقايضة موجودة، ولكن ليس كما هو الأمر في السابق.فلم يعد ” العمل من المنزل ” هو المنفذ الوحيد لتحقيق المقابل المادي العظيم، بل أصبح هناك مكان آخر للمسابقات التي تُرصد لها جوائزاً ومكافآت عبارة عن مبالغ طائلة، وهذا ما يتيح الفرصة دائماً للتفكير، في حقيقة احتياجي الحالي، و تقديري للمجهود الذي سأقدمه للـ”مقايضة”.