كيف تصبح بطلاً؟ الموهبة غير مطلوبة هنا!

معلومات عامة  -  بواسطة:   اخر تحديث:  2020/10/24
كيف تصبح بطلاً؟ الموهبة غير مطلوبة هنا!

عندما تسمع بكلمة “بطل”، فما هو أول شيء يخطر في بالك؟ سوبرمان؟ سبايدرمان، أو شخصيات روائية وكرتونية أخرى؟ رجل إطفاء أنقذ عائلة من حريق مميت؟ مخترع؟


نعم، بالطبع فإنّ كل من ذكر هو “بطل” لكن هناك الكثير من الأشخاص الذين يمكن أن نضعهم في نفس الخانة السابقة أيضاً فمثلاً، متطوعٌ يساعد الفقراء في هذا البرد القارص، الأب الذي يعمل الساعات الطويلة ليعلّم ويطعم ويربّي أولاده. ويمكنك أن تضيف ما تضيفه إليها، لكن إليك أفضل جزء في هذا المقال:



يمكن لأي واحدٍ منا أن يكون “بطلاً”


لكن دعونا نستعرض في البداية كيف يصبح البطل بطلاً. قام الروائي جوزيف كامبيل في عام 1949 في كتابه “بطل بألف وجه” بتفنيد قصص الأبطال الخارقين حول العالم في محاولة لوضع نمطٍ محددٍ تتبعه وتسير عليه، وقد وصل بعد هذا البحث إلى ما أراده.


كيف تصبح بطلاً؟ الموهبة غير مطلوبة هنا!


فقد وجد أنّ “الرحلة البطولية” على اختلاف قصصها وأبطالها، تمر بنفس المراحل السبعة عشر، والتي يمكننا تلخيصها على النحو الآتي:


المغادرة: يعيش فيها البطل في العالم الذي نعيش نحن فيه، لكنّه يتلقى نداءً ما، وعلى الرغم من كونه كارهاً لتلبيته إلا أنّه يجد النصح من قبل شخصٍ معلمٍ مرشد ويلبي النداء.


البدء: ويبدأ هذا الجزء عندما يقوم البطل بترك عالمه المعتاد عليه، ليدخل إلى المجهول “العالم الخاص”، وهناك يواجه الصعوبات والاختبارات. يصل هنا البطل إلى أشد لحظات ضعفه، يواجه أسوء مخاوفه “العدو” ليتغلب عليه ويحصل على الكنز أو القوة التي يحتاجها.


العودة: يعود البطل إلى عالمه الطبيعي مع “الكنز” الذي حصل عليه، والذي سيستخدمه لخدمة العالم ومساعدتهم. بعد هذه المغامرة، حصل البطل على الحكمة وامتلك القوة على عالمه والعالم الخاص الذي انتقل إليه، فبالطبع حياته ليست كما كانت عليه قبل أن يصبح بطلاً!


وللأسف فإنّ أفضل القصص الروائية وحتى أشهر الأفلام ومهما كانت واقعية، تصوّر البطل على أنّه يمتلك موهبةً خاصة لا يملكها غيره ويجعلها العامل الأساسي في نجاحه وتغلبه على المحنة الكبرى. وتغفل العمل الشاق، المجازفات، المصائب والعقبات التي اجتازها بطلنا المفضل ليصل إلى هذا النجاح.


حتى أنّها تصوّر معاناته وعجزه المؤقت، كلحظاتٍ لا تلبس أن تمر ويتغلب عليها، وتنسى سنوات الصراع والكفاح التي خاضها وعانى فيها الأمرّين.


موهبة أم عمل جاد؟


لعل هذا السؤال من بين أكثر الأسئلة المطروحة منذ بداية تاريخ البشرية، حتى أنّ الناس تقول عن الأشخاص الناجحين: “يملكون موهبة خاصة” أو “يا لهم من محظوظين”.


لكن وفي الحقيقة، فإنّهم يغفلون، وكما تفعل كل القصص البطولية، العمل الشاق الذي قام به الناجحون من قبل.


فإذا كنت من محبي الرياضة، فلعلّك تذهل دائماً “بالقدرة الخارقة” التي يمتلكها اللاعبون المحترفون، وتفكر بينك وبين نفسك، ما الذي يجعلهم موهوبين لهذه الدرجة؟ وبالطبع، ينطبق ذلك على كل الأشخاص الناجحين في هذه الحياة في مجال الرياضة وغيرها على حدٍ سواء.


فمن مايكل جوردان لاعب كرة السلة الشهير، إلى هاورد شولتز المدير التنفيذي لأكبر سلسلة مقاهي في العالم (22,557 مقهى حول العالم في عام 2015) فإنّ جميعهم يمتلكون شيئاً مشتركاً، العمل الجاد.


ماذا يقول العلم؟


يرى عالم النفس والباحث في جامعة فلوريدا الحكومية انديرس ايريكسون، أنّ النجاح يبدأ عندما تتجاوز منطقة الراحة الخاصة بك لتجرب ما هو أكبر من قدراتك، وعادةً ما يتطلب هذا الوقت والجهد الكبيرين. حيث نشر دراسة بعنوان “دور الممارسة المدروسة” والذي تتبع ودرس فيها عادات التدرب لدى عازفي الكمان منذ الطفولة وحتى المراهقة وسن الرشد ليستنتج:


كيف تصبح بطلاً؟ الموهبة غير مطلوبة هنا!



“إنّ العديد من الصفات التي يُعتقد أنّها نابعة من موهبة فطرية، هي ليست سوى نتيجة طبيعية للتدريب المستمر لفترة ممتدة لعشر سنين على الأقل”


يجب التنويه هنا إلا أنّه تم نسب قاعدة الـ 10,000 ساعة لايريكسون، لكنّ وفي الحقيقة هي كانت من استنتاجات الكاتب مالكوم جلادويل الذي اخذ دراسة ايريكسون السابقة وقام بوضع تلك القاعدة في كتابه: “Outliers” من عنده.


ولم يكن ايريكسون مسروراً بذلك الاستنتاج، حتى أنّه كتب ورقة نقض قال فيها: “لقد قام جلادويل باختراع قاعدة الـ 10,000 ساعة عندما قال أن ‘الأبحاث قد استقرت على الرقم السحري للحصول على الخبرة، 10,000 ساعة’” وأوضح اريكسون أنّ ذلك الرقم هو متوسط فقط في بحثه وليس رقماً سحرياً، وهناك الكثير من الأطفال المشاركين في بحثه ممن حصلوا على الخبرات بعدد ساعات أقل بكثير. وأضاف أنّ نوعية التدريب هي العامل المحدد لذلك.


هل هذا مثبت بالتجربة العملية؟


لعلّ هذا السؤال الذي يتبادر إلى ذهنك حالياً، وسأقوم بالإجابة عليه بالطبع. لكن وجب التنويه إلى أنّ القصص المذكورة في الأسفل هي قصص واقعية لأشخاصٍ تعرفهم أنت، وليست قصص موضوعة لزيادة حماستك أو ملامسة مشاعرك، فتابع معنا!


بالعودة إلى مايكل جوردن، فقد كان يمضي فترة الاستراحة من الدوري الأمريكي للمحترفين في كرة السلة بالتدريب الشاق على الرميات (مئات الرميات في اليوم)، وبحسب مدربه فيل جاكسون، لم تصنع الموهبة تلك البراعة التي يتمتع بها جوردن، بل العمل الشاق هو الذي جعل منه اسطورةً تاريخية!


كيف تصبح بطلاً؟ الموهبة غير مطلوبة هنا!


بطل ونجم نادي اللايكرز، كوبي براينت، قام بتغير طريقته في التسديد بشكلٍ كامل ولم يتوقف عن اللعب بعد أن كُسر اصبعه.


ولم يصبح واحداً من أفضل لاعبي الدوري على الإطلاق بسبب موهبته فقط، فقد كان يبدأ التدريب قبل ثلاث ساعات من جميع أفراد الفريق، حتى عندما كان مصاباً!


وبعيداً عن الرياضة، جميعنا يعرف الموسيقي المشهور موتزارت والذي لم يصل إلى هذه الدرجة من الشهرة بسبب موهبته وحسب، فقد حرص والده على تدريبه على البيانو منذ أن كان في الثالثة من العمر ليبدأ بالتأليف في السن الرابعة أو الخامسة.


ماذا عن عالم الأعمال؟


هاورد شولتز، المدير التنفيذي لستاربكس، يبدأ عمله في الساعة السادسة صباحاً ولا يغادر المكتب حتى الساعة السابعة مساءً. وبعد كل تلك الساعات يستمر بالتحدث مع موظفيه البعيدين في القارات الأخرى حتى ساعات متأخرة بالليل. وفي أيام عطلته يقوم بقراءة رسائل البريد الالكتروني الواردة من آلاف الموظفين حول العالم.


كيف تصبح بطلاً؟ الموهبة غير مطلوبة هنا!


كارلوس غصن، المدير التنفيذي لاثنتين من كبرى شركات صناعة السيارات في العالم، وصاحب الأصل اللبناني، يعمل لأكثر من 65 ساعة في الأسبوع، ويقضي أكثر من 48 ساعة شهرياً محلّقاً من مكان إلى مكان، حيث يبلغ مجموع الأميال التي يقطعها سنوياً في الطيارة حوالي 150,000 ميل.


فلم تكن خطته المثيرة للإعجاب عندما أنقذ شركة نيسان التي ظن الكثير أنّها غير قابلة للاسترداد إلى نتيجة عمله الجاد واجتهاده، فما تزال تلك الحادثة موضع دراسة وتحليل إلى الآن.


وخلف الكواليس هناك الكثير من الأشخاص الذين يعملون بجدٍ واجتهاد ليصلوا إلى أهدافهم، فتلك القصص التي ذكرناها ليست إلا غيض من فيض.


أنتم مهووسون بالعمل!


غالباً ما نرى هذا الرد من كثيرٍ من النقاد، ويبنون الحجج ويقومون بالتحليلات الكثيرة لإيجاد ثغرة في نجاح الأشخاص المتميزين، لكن وعندما يعجزون يقولون أشياءً مثل: “يعملون كل هذه الساعات لأنهم لا يعملون بذكاء”، “لا يقومون بأخذ راحة، هذا مرض نفسي!!”، “إنّ الشخص الطبيعي يُستنزف بالعمل لتلك الساعات الطويلة”.


لكن ما غاب عن ذهنهم حقاً، هو أنّ أولئك الأشخاص يستمتعون بعملهم فهم يستيقظون كل صباح ليذهبوا إلى ملعبهم، مكتبهم أو أياً كان ليقتربوا أكثر من أهدافهم التي رسموها. فهم، وبالطبع، مسرورون مع كل تقدمٍ تجاه هدفهم!



“اختر مهنة تحبها ولن تضطر الى العمل يوماً واحداً طيلة حياتك”


فلا يعقل صراحةً أن تكون تلك الأمثلة البارزة “غبيةً” أو تعمل بغباء مع كل ذلك النجاح الذي تحققه. فالمدير التنفيذي لموقع Zappos.com يمتلك “جيشاً” من المساعدين ليحرص من خلاله على ألا يقوم إلا بالمهام ذات الأهمية القصوى.


أما بالنسبة للإجازات، والمرض النفسي،فإنّ بيل غيتس لم يكن يأخذ إجازات عندما كان في العشرينيات من عمره، لكنّه الآن يأخذ الإجازات عندما يرغب بذلك. أما مارك زاكربرغ المدير التنفيذي لفيسبوك أخذ إجازة شهرين ليكون مع ابنه المولود حديثاً.


أنت والأبطال الخارقون


إذاً، ما الصفات المشتركة بينك وبين كل الأبطال الخارقين، هاري بوتر، سوبرمان، وكاتنس ايفردين؟ أو بينك وبين كل رواد الأعمال السابقين، الرياضيين المتميزين، والموسيقيين البارعين؟


أنت إنسان، تماماً مثلهم!


ففي كل الثقافات البشرية، تتواجد قصص الأبطال التي تمر بالمراحل المذكورة في بداية المقالة، فنحن نقوم بكتابة الكتب ونروي القصص التي تعكس بشكلٍ خاص ما نعيشه في حياتنا.


فقم بمغادرة منطقة الراحة الخاصة بك، احظَ بتجربة تغيرك وتحولك، اعمل بجدٍ واجتهاد، ثم قم بالتغلب على عقباتك؛ وبالطبع فإنّك لا تقف في وجه التنانين ولا تقوم بقتل فولدمورت لكنك تواجه مشاكلاً مخيفةً لنفس الدرجة.



“في الكهف الذي تخشى دخوله، تجد الكنز الذي ترغب فيه”

جوزيف كامبيل


ما هو “الكهف” الذي تخشى دخوله؟ امتحان في الجامعة، مباراة كرة قدم مصيرية، أو عمل جديد عليك التميز فيه؟!


فاقبل التحدي، انتقل من منطقة الراحة، واجه مخاوفك، احصل على الكنز الذي تريده، ثم عد إلى حياتك لكن ليس كما كنت، بل عد إلى حياتك كبطل وعاود الكرة مجدداً.