كيف نحقق الامن الغذائي

معلومات عامة  -  بواسطة:   اخر تحديث:  2020-08-21
كيف نحقق الامن الغذائي

يُعتبر تأمين الغذاء من أهم أولويات الإنسان على مختلف الأزمنة والعصور، بما يجعل اللجوء إلى الرعي والصيد الزراعة شيء لا يمكن الاستغناء عنه أو الإهمال به، و قد خاض البشر الكثير من المنازعات والحروب في سبيل تأمين احتياجاته من الطعام، وظل هاجس تأمين الغذاء هو الخوف المسيطر عليه إلى وقتنا الحالي، إذ يعتمد استقرار البلاد بشكلٍ رئيسي على استطاعة الدولة في تأمين الغذاء لشعبها مما جعل الحكومات تبذل قصارى جهدها لكي يوفروا ما تحتاج إليه دولتهم من طعام وغذاء بنسبة كافية وهو ما يقصد به الامن الغذائي

تعريف الأمن الغذائي

تم التعارف على مصطلح الأمن الغذائيّ بالعالم منذ الستينات وهو ما يشير إلى مقدرة الدولة على تأمين ما يكفي من مخزون السلع الغذائية للأفراد في فترةٍ زمنيةٍ تم تحديدها بما لا يقل عن الشهرين ولا يتجاوز العام، إلى أن يصبح من الممكن تجديد ذلك المخزون ثانية، وفيما يخص ترتيب الدول حسب الامن الغذائي فإن كل دولة هي من يقوم بتحديد المدة المتعلقة  بها حسب المادة الغذائية نفسها.

حيث يكون ذلك التوفير إما من داخل الدولة أو عن طريق استيراد السلع المختلفة من الخارج، ولكن يصبح الأمن الغذائي في أحسن أحواله حينما يقوم الاكتفاء على المخزون من داخل الدولة نفسها؛ إذ يساهم ذلك بدعم قوة الدولة في مواجهة المجتمع الدولي على خلاف الدولة التي يقوم اعتمادها فقط على الاستيراد فيما يتعلق بتأمين الغذاء؛ مما يجعلها تابعة لسيطرة الدول التي تقوم بالتصدير إليها.

وقد ورد تعريف الأمن الغذائي من قبل لجنة الأمم المتحدة للأمن الغذائي العالمي على أنه تمتّع الناس جميعهم بكافة الآونة بنفس الفرص الاقتصادية، الاجتماعية، والمادية بما يسمح لهم الحصول على ما يكفيهم من طعام  يلبّي احتياجاتهم وتفضيلاتهم الغذائية؛ لتحقيق حياة صحية ونشطة.[1]،[2]

مقومات الأمن الغذائي وكيفية تحقيقه

ومن أهم عوامل تحقيق الاكتفاء في الأمن الغذائي هي: توفير كميات كافية من الغذاء، حصول الدولة على ما يكفي من الدخل وغيره من الموارد بهدف الوصول إلى الغذاء، إتاحة ما يكفي من كميات الغذاء الصحي والمناسب، ومقدرة الجسم على استخدام  وامتصاص المواد الغذائية.

ومن الراجح أنه في خلال الأعوام القادمة سيكون لزيادة تعداد السكان في جميع أنحاء العالم، وما يتعرض له المناخ من تغيرات، وغيرها من الضغوط البيئية والتزايد المستمر في سعر المواد الغذائية، بالغ الأثر على الأمن الغذائي، مما يجعل الدول في أشد الحادة إلى استراتيجيات التكيف، والاستجابة لسياسة التغيير العالمي مثل تجهيز الأغذية عقب الحصاد، أنماط استخدام الأراضي، خيارات معالجة تخصيص المياه، وتجارة الأغذية، والحفاظ على سلامة الأغذية وأسعارها.
ومن أبرز مقومات تحقيق الأمن الغذائي كذلك التي لا بد من عدم إغفالها (خصائص الدولة المناخيّة، والبيئيّة والجغرافيّة، توفّير الموارد البشريّة، توفّير التكنولوجيا الحديثة، توفّير المصادر المائيّة، توفّير الثروة الحيوانيّة، توفّر الأراضي الزراعيّة والغابات والمراعي).

أهمية الأمن الغذائي

 يهدف الأمن الغذائي إلى زيادة الجهود المتعلقة بزراعة المحاصيل وتعزيز المقدرة الخاصة بالإنتاج والتنافس، لكي تصل الدولة إلى الاكتفاء باستهلاك المواد الغذائية، وتكمن أهمية الأمن الغذائي في بعض النقاط والتي تتمثل فيما يلي:
  • جعل المستوى المعيشي لأفراد الدولة في وضع أفضل، عن طريق تحقيق النجاح والتطوير في مجال الزراعة الزراعة، أو من خلال زيادة الدخل الاقتصادي.
  • تحسين إنتاجية الأراضي الزراعية، من خلال الاستعانة بالتقنيات الحديثة والآلات الزراعية الخاصة بالزراعة، وذلك بهدف رفع القدرات التنافسية المتعلقة بالزراعة في دول العالم مختلفة خاصة دول العالم الثالث، ولكي يسود الإنتاج الداخلي فيما يتعلق بما يخص الزراعة من واردات.
  • إنّ للتزايد الدائم في تعداد سكان دول العالم يعني ارتفاع الطّلب على الطعام ولذلك يتعين على الدول توفير المزيد من كميات الغذاء ومجاراة الطّلب المرتفع على السلع، بهدف حماية شعبها من التعرض إلى أزمة العجز الغذائي.
  • يترتب على عملية الانتقال من الريف إلى المدينة الارتفاع في استهلاك الأغذية، نتيجة ما تحصل عليه تلك الفئة من فرص عمل  بما يساعد في حصولها على الغذاء.
  • التشجيع على الاستثمار بهدف توفير دخل كافي للأُسر، إذ يساهم ذلك الأمر في زيادة كميات الغذاء المستهلكة.

الأمن الغذائي العربي

كانت قضية الأمن الغذائي حاسمة في الكثير من دول العالم سواء عربي أم أجنبي حيث تواجه الشعوب فيالكثير من البلاد أزمة غذائية والتي يكون لها تأثير سلبي على اقتصاد تلك الدول، بما جعل ضمان الأمن الغذائي يمثل تحديًا عالميًا ذو أبعاد كثيرة، وقد وقد ورد تعريف الأمن الغذائي من قبل مؤتمر القمة العالمي للأغذية لعام 1996م بأنه “قائم عندما يتاح لجميع الناس في جميع الأوقات الحصول على أغذية كافية ومأمونة ومغذية للحفاظ على حياة صحية ونشيطة”.

لذلك ينبغي أن يكون الهدف الأول والأخير للأمن الغذائي في كافة مناطق العالم وبشكل خاص العالم العربي ودول العالم الثالث هو ضمان حصول الناس جميعاً في كافة الأوقات على ما يحتاجون إليه من غذاء سواء كان اقتصادي أو مادي، ووفقًا لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، يوجد أربعة ركائز للأمن الغذائي وهي الاستقرار، الاستخدام ، التوافر، والوصول.[3]

مفهوم الأمن الغذائي في الإسلام

والإنسان روح جسدٌ واللذان لكلٍ منهما الغذاء الخاص به الذي يحافظ  على بقائه ونموه وحياته، وقد شغل علماءُ المسلمين قديمًا وحديثًا الكلام عن غذاء الروح، وما قد يصيب القلوبَ والأرواح من أمراض وآفات تُعكر صفو حياة المرء بالدنيا قبل الآخرة، وقد استندوا ف في ذلك إلى قول الله تعالى (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) [سورة طه: الآية 124].كما ركز علماء الإسلام على أن القلب والروح في ذلك الكون يعدان الأساس الأول بتكوين جسد الإنسان، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم (ألَا إن في الجسد مُضغةً، إذا صلَحت صلَح الجسدُ كلُّه، وإذا فسَدت فسَد الجسد كلُّه، ألا وهي القلب)، ولذلك تناوَلوا بمؤلفاتهم وأحاديثهم أهمية الاعتناء بغذاء الجسد، وما يفيده أو يتسبب له في الضرر من الطعام والغذاء، وكيفية تناول الطعام وكميته ووقته، وفي ذلك قال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم (المؤمن القويُّ خيرٌ وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍّ خير).إذاً فإن تمتع المسلم بالإيمان في قلبه هو خير، ولكن الأفضل منه إضافة قوةُ البدن، والتي من أبرز عواملها الاهتمامُ بتأمين غذاء البدن، ذلك الأمن يعد من أعظم النعم التي يسعد بها عيش الإنسان، فيشعر بمتعة العبادة ولذتها التي هي غذاء الروح  والقلب، ومتعة ولذة الطعام الذي يمثل غذاءً الجسد، لذلك فإن تأمين الغذاء للجسد من أهم مجالات الأمنِ التي اهتم بها الدين الإسلامي، وهو ما يعرف بالأمن الغذائي.وبذلك فإن الأمن الغذائي في الإسلام يعد من ركائز الحياة المستقرَّة التي دعا إليها نبي الله إبراهيم عليه السلام ربَّه فقال: (رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ)، [سورة البقرة: الآية 126]، كما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال( مَن أصبح منكم آمنًا في سِرْبِه، معافًى في جسده، عنده قُوتُ يومه، فكأنما حِيزَت له الدنيا بحذافيرها).