تحتوى اللغة العربية على الكثير من المفردات المختلفة التي لا عد لها ولا حصر ، وأكبر دليل على ذلك هو كافة المعاجم التي حاولت أن تحصر مفردات العربية ، ولكنها لم تهتدي إلى هذا ، وذلك لأن كل كلمة من كلمات هذه اللغة يمكن أن يتم اشتقاق كلمة أخرى منها ويمكن أن تدل على ذات معنى الكلمة الأولى ، أو تدل على معنى مختلف تماماً للكلمة التي اشتقت منها ، وبهذا أصبح هناك ملايين الكلمات العربية التي يستخدمها العامة في حديثهم ، والشعراء في كتابة أشعارهم ، وفي مختلفة المجالات الأدبية ، وما أكثر ما يميز هذه اللغة العريقة أنك تجد بها كلمتين لهما نفس الفظ ، لكن معناهما مختلف تماماً .
أمثلة من القرآن الكريم على المشترك اللفظي
هناك أمثلة كثيرة في القرآن الكريم على المشترك اللفظي ، أو على الألفاظ التي تتفق في اللفظ ، ولكن لها معنى مختلف ومنها :[2]
لفظ (الإصر) ، فقد ورد بمعنى (الثقل) ، وذلك في قوله سبحانه : ( ويضع عنهم إصرهم ) ، و قال هذا مجاهد ، وقتادة، وابن جبير ، كما ورد (الإصر) بمعنى العهد ، وذلك قوله -عز وجل- : ( وأخذتم على ذلكم إصري ) بمعنى : عهدي . كما جاء الفعل (جعل) في القرآن الكريم بمعنى (الخلق) ، مثل قوله سبحانه : ( وجعل الظلمات والنور ) أي: خلق ، وجاء بمعنى (صير) ، مثل قوله تعالى : ( الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء ) ، قال القرطبي: “معناه هنا: صير ؛ لتعديه إلى مفعولين”، ويأتي بمعنى سمَّى ، وبه فُسر قوله عز وجل: ( وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناث ) والمراد : سموهم .ومنه لفظ (الحِجر) ، فقد ورد بمعنى (العقل) ، وذلك قوله – عز وجل – : ( هل في ذلك قسم لذي حجر ) ، والمراد : لذي لب وعقل ، ويأتي بمعنى (الحرام) ، وبه فُسر قوله – عز وجل – : (ويقولون حجرا محجورا ) المراد تقول الملائكة : حراماً محرماً أن يدخل الجنة إلا من قال: لا إله إلا الله، وأقام شرائعها ، كما ذكر عن ابن عباس رضي الله عنهما ، وعلى هذا المعنى أيضاً قوله تبارك وتعالى:( وقالوا هذه أنعام وحرث حجر ) بمعنى : حرموا أنعاماً وحرثاً ، وجعلوها لأصنامهم . كلمة (الحميم) ، جاءت بمعنى (الماء الحار) ، من ذلك قوله تعالى : ( ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم ) الحميم: الماء الحار ، ومثله قوله تعالى: ( وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم ) ، ويأتي (الحميم) بمعنى (قريب الرجل) ، من ذلك قوله سبحانه: ( ولا يسأل حميم حميما ) والمراد : ولا يسأل قريب قريبه عن شأنه ؛ لشغله بشأن نفسه .كلمة (الطائر) ، جاءت بمعناها المعروف (واحد الطير) ، قال تعالى: (ولا طائر يطير بجناحيه )، وجاء الطائر بمعنى (عمل الإنسان) ، وبه فُسِّر قوله – عز وجل – : ( وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ) ، قال ابن عباس : عمله ، وما قُدِّر عليه من خير وشر ، وهو ملازمه أينما كان .