حجّة الوداع
أَذِنَ الله -تعالى- لنبيّه محمّدٍ -عليه الصلاة والسلام- بالحجّ إلى البيت الحرام بعد استقرار أمر الإسلام؛ بتطهير الأرض من مظاهر الجاهليّة، وعلامات الوثنيّة، وحين غَدَت نفوس المسلمين مُشتاقةً إلى شَدّ الرِّحال إلى بيت الله، وقد كانت تلك الحجّة علامةً على قُرب انتقال النبيّ -عليه الصلاة والسلام- إلى جِوار رَبّه، ومُفارقته أمّتَه وصَحْبَه، مع إظهار الحُبّ، والأُلفة، والطُّهر، والرَّحمة، وقد شَدّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- الرِّحال إلى بيت الله الحرام في مكّة المُكرَّمة؛ لأداء مناسك الحجّ، وكانت تلك الرحلة مُناسَبةً مُهمّةً؛ لتعليم المسلمين مناسك فريضة الحجّ، وإقامة شعائر الدِّيْن، فقد بلَّغ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- في حجّته مَقاصد رسالته، وبراهين أداء أمانته، كما أوصى أمّتَه فيها بوصايا مهمّةٍ، آخذاً عليهم عهدَ الله وميثاقَه، مُؤكِّداً زوال إِرث الجاهليّة، وواضعاً عاداتها الباطلة؛ ولذلك كانت تلك الحجّة من أعظم المَحطّات في تاريخ الإسلام؛ إذ تضمَّنت خُطبة النبيّ -عليه الصلاة والسلام- التي رسَّخت عدّة مَعانٍ عظيمةٍ، فكانت مدرسةً ربّانيةً أحيَت في نفوس الأمّة الهِمّة، كما بعثت كلمات النبيّ النشاط والقوّة في النفوس، وغرست معاني الرَّحمة، والعَطف، والمَحبّة.
متى كانت حجّة الوداع
تاريخ حجّة الوداع هجريّاً
نُقِل عن علماء الأمّة إجماعُهم دون خِلافٍ بينهم على أنّ حجّة الوداع كانت في السنة العاشرة للهجرة،
وتجدر الإشارة إلى أهميّة بيان أقوال أهل العلم في تحديد اليوم الذي خرج فيه النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- إلى مكّة المُكرَّمة؛ لأداء مناسك الحجّ؛ فقد ذكرَ ابن حزم -رحمه الله- أنّ خروج النبيّ كان نهارَ يوم الخميس لسِتّة أيّامٍ من شهر ذي القِعدة،
تاريخ حجّة الوداع ميلاديّاً
وردت عدّة أقوالٍ للعلماء في بيان وتحديد التاريخ الميلاديّ لحجّة الوداع؛ منها: إنّ حجّة الوداع كانت سنة ستّمئةٍ وإحدى وثلاثين للميلاد،
أسماء حجّة الوادع
سُمِّيت حجّة الوداع بأسماءٍ أخرى، منها: حجة البلاغ والتمام؛ لأنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- بَيَّن فيها اكتمال مَهمّة تبيلغ شَريعة الله، وآذنَ فيها المسلمين بكمال الدِّيْن، وتمامه، كما أنّه علّمَ المسلمين فيها مناسكَ الحجّ، وما شُرِع فيها من الأقوال، والأعمال،
وقد ودّع النبيّ -عليه الصلاة والسلام- المسلمين في حجّته، وفي ذلك حَثٌّ للمسلمين على مُلازمَته والتعلُّم منه، وفي ذلك قال الإمام النوويّ -رحمه الله-: "فيه إشارةٌ إلى توديعهم وإعلامهم بقُرب وفاته -صلّى الله عليه وسلّم-، وحثّهم على الاعتناء بالأخذ عنه، وانتهاز الفرصة من ملازمته، وتعلّم أمور الدين، وبهذا سُميّت حجّة الوداع"، وقد ورد عن الصحابيّ جابر بن عبدالله -رضي الله عنه- أنّه قال: (أفاضَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ في حجَّةِ الوداعِ، وعلَيهِ السَّكينةُ، وأمرَهُم بالسَّكينةِ، وأمرَهُم أن يرموا، بمثلِ حَصى الخذَفِ، وأوضعَ في وادي مُحسِّرٍ، وقالَ: لتَأخُذْ أمَّتي نسُكَها، فإنِّي لا أدري لعلِّي، لا ألقاهم بعدَ عامي هذا)،
المراجع
- 1 - موسى بن راشد العازمي (2011)، <i> " اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون " , (الطبعة الأولى)، الكويت: المكتبة العامرية، صفحة 464-467 , موسى بن راشد العازمي (2011)، .
- 2 - عبدالله بن عبدالعزيز العقيل (2015-8-6)، " حجة الوداع " , www.ar.islamway.net , عبدالله بن عبدالعزيز العقي .
- 3 - يوسف بن محمد الدخيل (2003)، <i> " سؤالات الترمذي للبخاري حول أحاديث في جامع الترمذي " , (الطبعة الأولى)، المدينة المنورة: عمادة البحث العلمي ب , يوسف بن محمد الدخيل (2003)، .
- 4 - سورة المائدة، آية: 3. .
- 5 - السنة التي حج فيها النبي صلى الله عليه وسلم , www.islamweb.net , 2003-4-22، 2020-6-14. بتصرّف. .
- 6 - محمد الطيب النجار ، <i> " القول المبين في سيرة سيد المرسلين " , ، بيروت: دار الندوة، صفحة 383-384 , محمد الطيب النجار ، .
- 7 - ابن حزم (1998)، <i> " حجة الوداع " , (الطبعة الأولى)، السعودية: بيت الأفكار الدولية، صفحة 115 , ابن حزم (1998)، .
- 8 - مجموعة من المؤلفين، <i> " الموسوعة التاريخية - الدرر السنية " , ، صفحة 101، جزء 1 , مجموعة من المؤلفين، .
- 9 - محمد أبو شهبة (1427)، <i> " السيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة " , (الطبعة الثامنة)، دمشق: دار القلم، صفحة 762، جزء 2 , محمد أبو شهبة (1427)، .
- 10 - أحمد معمور العسيري (1996)، <i> " موجز التاريخ الإسلامي من عهد آدم إلى عصرنا الحاضر " , (الطبعة الأولى)، صفحة 92، جزء 1 , أحمد معمور العسيري (1996)، .
- 11 - وجدان فريق عناد العارضي (2017)، <i> " إمارة الحج في الدول العربية والإسلامية " , (الطبعة الأولى)، الأردن: دار أمجد، صفحة 297 , وجدان فريق عناد العارضي (2017 .
- 12 - محمد رضا، <i> " محمد صلى الله عليه وسلم " , ، صفحة 71، جزء 2 , محمد رضا، .
- 13 - عطية سالم ، <i> " شرح بلوغ المرام " , ، صفحة 3، جزء 172 , عطية سالم ، .
- 14 - رواه الألباني، في صحيح ابن ماجه، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم: 2467، صحيح. .
- 15 - رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم: 1297، صحيح. .
- 16 - حَجَّة الوداع , www.islamweb.net , 2012-8-12، 2020-6-15. بتصرّف. .