منافع القيلولة في تحسين أداء الذاكرة

معلومات عامة  -  بواسطة:   اخر تحديث:  22-11-2015
منافع القيلولة في تحسين أداء الذاكرة

اكتشف فريق من الباحثين بقيادة الأستاذ اكسيل ميكلينجر Axel Mecklinger في جامعة زارلاند Saarland University أن بإمكان قيلولة قصيرة لمدة حوالي ساعة تحسين أداء الذاكرة بشكلٍ كبير.



تضمنت الدراسة قامت بها طالبة الدراسات العليا سارة شتوته Sara Studte، اختباراً لاسترجاع الذكريات عند 41 مشارك. حيث كان يجب على المتطوعين تَعَلُم كلماتٍ فردية وأزواج من الكلمات، وعند انتهاء فترة التعلم يتم اختبار المشاركين لتحديد كمية المعلومات التي استطاعوا تذكرها. بعد ذلك سُمِحَ لقرابة نصف المشاركين بالنوم، بينما قام النصف الآخر منهم في الوقت ذاته بمشاهدة فيديو. ومن ثمَّ أُعيدَ اختبارُ المشاركين، وقد كان من الواضح أن المشاركون الذين أخذوا قيلولة احتفظوا بأزواج كلمات في ذاكرتهم أكثر بكثير من المجموعة الشاهدة( المراقبة) (control group) الذين قاموا بمشاهدة فيديو. وقد تم نشر نتائج هذه الدراسة في الدورية الأكاديمية المُعتبرة Neurobiology of Learning and Memory.
كانت أجيالٌ من طلاب المدارس تذهب إلى السرير في الليلةِ السابقةِ لاختبار الرياضيات أو اختبار المفردات، واضعين كتاب الجبر أو ملاحظات المفردات تحت وساداتهم، أملاً أن ينتقل العلم بطريقةٍ سحريةٍ إلى أدمغتهم خلال النوم. وقد ظهرت براهين على أن هؤلاء الطلاب لم يكونوا مخدوعين تماماً بمعتقد خرافي، حيث أظهر فريقٌ من علماء الأحياء العصبية في جامعة زارلاند أنه حتى الدقائق الوجيزة من النوم بإمكانها تحسين الاحتفاظ بالمواد المُتَعلمَة في الذاكرة بشكلٍ ملحوظ.
تقوم سارة شتوته، عالمة الأحياء المتخصصة في علم النفس العصبي، والتي تعمل حالياً على رسالتها للدكتوراه مع المشرف عليها ميكلينجر والباحثة المساعدة إيما بريدجر Emma Bridger،تقوم بفحص كيفية تأثير القيلولة على أداء الذاكرة. كانت النتائج جلية كما يشرح ميكلينجر: "حتى النوم القصير الذي يستمر من 45 إلى 60 دقيقة ينتج تحسناً بخمسة أضعاف في استرجاع المعلومات".
وعلى وجه الدقة، فإن أداء الذاكرة بعد القيلولة لا يتحسن على مستويات الأداء التي تم قياسها فوراً بعد فترة التعلم في المجموعة التي أخذت قيلولة، ولكنها تبقى ثابتة.
يقول الأستاذ ميكلينجر: "المجموعة الشاهدة، التي ظل أفرادها يشاهدون فيديو في الوقت الذي نامت فيه المجموعة الأخرى، كان أداؤها أسوأ من المجموعة التي نامت بشكلٍ واضح، وذلك عند تعلق الأمر بتذكر أزواج الكلمات. بينما كان أداء المشاركين الذين حصلوا على قيلولة مساوياً للمستوى الذي أظهروه قبل نومهم، أي بنفس المستوى الذي أظهروه بعد إتمام فترة التعلم مباشرةً". 
وقد ركّز الباحثون بشكلٍ خاص على دور الحُصَين، وهي المنطقة التي تصبح الذكريات فيها راسخة أو (موطّدة consolidated)، و هذه العملية هي التي يتم خلالها تحويل المعلومات المتعلمة سابقاً إلى ذاكرة طويلة الأمد. تشرح شتوته: "لقد قمنا بفحص نوع معين من نشاط الدماغ المعروف بمغازل النوم "sleep spindles"، والذي يلعب دوراً هاماً في ترسيخ الذاكرة خلال النوم". مغزل النوم هو تدفُّق قصير من الذبذبات السريعة في التخطيط الدماغي (electroencephalogram) أو اختصاراً (EEG). يقول ميكلينجر: " نحن نظنُّ أن أنواعاً معينة من محتوى الذاكرة -خصوصاً المعلومات التي كانت سابقاً مُعَلَّمَة- يتم ترسيخها بشكلٍ تفضيلي خلال هذا النوع من نشاط الدماغ". تُعطَى المعلومات المُتعلَّمة حديثاً علامة، مما يجعل تذكرها في وقتٍ لاحق أسهل. باختصار، كلما كان عدد مغازل النوم الظاهرة في التخطيط الدماغي أكبر، كلما كان تذكر شخص لشيءٍ ما أقوى.



منافع القيلولة في تحسين أداء الذاكرة
تعليق: أكسيل ميكلينجر Axel Mecklinger . تصوير: ميشائيل كيب Michael Kipp


ولاستبعاد إمكانية استرجاع المشاركين للمفردات المتعلمة بسبب الشعور بالألفة والاطلاع، قام الباحثون باستخدام الخدعة التالية: كان على المتطوعين أن يتعلمموا 120 زوج من الكلمات، بدلا من أن يتعلموا 90 ألف كلمة فردية فقط, حيث كانت أزواج الكلمات بدون معنى. يقول ميكلينجر شارحاً للطريقة: "من الممكن أن يكون زوج من الكلمات على سبيل المثل (حليب - سيارة أجرة). تكون الألفة هنا بلا فائدة عندما يحاول المشاركون تذكر زوج الكلمات هذا، وذلك لأنهم لم يسمعوا مطلقاً بهذا التركيب من الكلمات من قبل ولأن هذا التركيب بدون معنى في جوهره. ولذلك يجب عليهم الوصول إلى الذاكرة المحدَّدة لسلسلة الأحداث المماثلة في الحصين".
توصل الفريق البحثي إلى نتائج واضحة، حيث يقول ميكلينجر: " إن قيلولة قصيرة في المكتب أو في المدرسة كافية لتحسين التعلم بنجاح. أينما كان الناس في بيئة تعلم، فإنه يجب علينا التفكير بجدية بالآثار الإيجابية للنوم". لا يتطلب تحسين استرجاع المعلومات بواسطة النوم أن نقوم بإقحام مجلدات ضخمة تحت وسادتنا. كل ما نحتاجه هو فترة مركزة من التعلم متبوعة بقيلولة قصيرة للاسترخاء.