هل تمكنت آبل من تجاوز أزمتها الأخيرة؟

معلومات عامة  -  بواسطة:   اخر تحديث:  2020/10/28
هل تمكنت آبل من تجاوز أزمتها الأخيرة؟

لم يسبق لشركة ‹‹آبل›› أن واجهت أزمةً مماثلةً على صعيد مصداقيتها كما حدث في الأسابيع القليلة الماضية، حيث تصاعد الجدل حول تعمُّدها تخفيض أداء الإصدارات السابقة من سلسلة هواتف الآيفون، إذ أنّ هذا الأمر قد أثار اتهامات عديدة ضدها باستغلال زبائنها من خلال إجبارهم على تحديث موديلات هواتفهم دون أن يكونوا بالفعل بحاجة إلى ذلك.


راجع: عندما تقع البقرة تكثر السكاكين … هل تتعرض شركة آبل إلى مؤامرة حقيقية؟


وكانت البداية في يوم الاثنين الثامن عشر من ديسمبر للعام 2017، حينما قام أحد المدونين على شبكة الإنترنت بنشر تقرير يتضمن نتائج اختبار تحليل الأداء لهواتف الآيفون، والذي كشف فيه بأنّ موديلات آيفون 6 وما فوق يتناقص أداؤها بمعدل ملحوظ جدًا، وطردي كلما جرى تنزيل إصدار أحدث من نظام التشغيل، وهو ما يوحي بتعمد الشركة تخفيض أداء موديلات هواتفها القديمة للدفع بعملائها الى شراء الإصدارات الجديدة.


وسرعان ما قامت شركة آبل بالتعقيب على هذه الأنباء، حيث تقدمت – في اليوم التالي – باعتذار إلى عملائها من خلال موقعها الرسمي على شبكة الإنترنت، معبرةً عن أسفها لشعور البعض منهم بأنّ الشركة خذلتهم. لكنها أوضحت بأنّ هناك سوء فهم كبير لهذه المسألة، إذ شددت على أنّها لم ولن تعمل على تقصير عمر منتجاتها أو الدفع بعملائها لترقية هواتفهم عن طريق “تحطيم تجربتهم القديمة بمنتجاتنا”، وبالمقابل زعمت الشركة بأنّ المسألة تتعلق بالعمر الافتراضي للبطاريات، والتي بسببها كانت الهواتف القديمة تنطفئ فجأةً عند مستوى شحن ثلاثين بالمئة، وهو ما اضطر الشركة لمحاولة إصلاح ذلك من خلال تخفيض قدرات هذه الهواتف بواسطة تحديثات أنظمة التشغيل.


وفي مسعى لتتدارك هذه الأزمة، أعلنت الشركة أيضًا عن تخفيض أسعار بطاريات هواتفها من حوالي ثمانين دولار إلى ما يقرب من ثلاثين دولار، ممكّنة بذلك عملاءَها من استعادة الأداء الأصلي لهواتفهم القديمة. وإضافةً إلى ذلك، وعدت الشركة بأنّها ستزود عملاءَها بالمستقبل القريب بتحديث يطلعهم على صلاحية بطاريات هواتفهم، وإذا ما كانت تؤثر على أداء هواتفهم.


لكن، وعلى الرغم من كل هذا. يجد الكثيرون بأنّ استجابة الشركة كانت مخيبةً للآمال، إذ أنّه على العكس من عدة بيانات صادرة عنها سابقًا، فهذا الاعتذار لا يحمل توقيع مديرها التنفيذي أو أي من مسؤوليها. وأبعد من ذلك، فإنّ العرض المعلن عنه بتخفيض أسعار البطاريات لا يوحي بجديّة إدارة الشركة أو استشعارها المسؤولية تجاه عملائِها، بل وعلى النقيض من ذلك، فآبل ستحافظ على معدل أرباح كبيرة حتى بالأسعار الجديدة المعلنة، إذ أنّها ستبيع البطارية الواحدة ضمن هذه العروض بثلاثين دولارًا، بينما هي لا تكلفها في الواقع أكثر من عشرة دولارات.


عمومًا، ومن منظور قانوني بحت، وبالتحديد القانون الأمريكي، فإنّ الشركة لم ترتكب مخالفةً من أي نوع بهذا السياق، خصوصًا وأنّ هذا الشكل من التقادم المخطط، أو الكف عن أداء وظائف المنتج وانتهاء صلاحيته خلال فترة زمنية معينة، لا يعد مخالفةً للقوانين الأمريكية. وإضافةً إلى ذلك، فمالكو هواتف الآيفون قد وافقوا على منح صلاحيات من هذا القبيل إلى الشركة حينما قبلوا بشروط الاستخدام، وإن كان العقد قد جاء بصيغة مبهمة.


لكن ما سبق لا يخلي مسؤولية الشركة تمامًا بهذا الصدد، على الأقل في المستوى الأخلاقي، فهي قد قررت بالنيابة عن عملائِها أن تخفض من أداء الهاتف عوضًا عن إرشادهم إلى خطوة أقل تكلفةً وضررًا، وهي استبدال البطارية. الأمر الذي كان ليجنبهم تكبد أعباء ترقية هواتفهم إلى إصدارات أحدث، وهو ما يدين الشركة باستغلال ثقة زبائنها واستخدام الصلاحيات المفوضة إليها لتعزيز أرباحها على حساب مصلحتهم.


وعلى أي حال، تباينت ردود الأفعال في الأوساط التقنية بهذا الإطار، غير أنّ موقف شركة آبل أزاد سوءًا أثر تأكيد عدد من منافسيها في قطاع الهواتف المحمولة على عدم تورطهم في ممارسات مماثلة، حيث أكدت شركة LG بأنّ «هذا لم يحدث، ولن يحدث» وأضافت «نحن نهتم بما يفكر عملاؤنا»، بينما قالت سامسونج من جهتها «نحن لا نخفض أداء المعالج من خلال تحديثات النظام على حساب عمر المنتج».


وجديرًا بالذكر أنّ الشركة قدمت التحديث الرئيسي الجديد 11.3 في الرابع والعشرين من يناير الماضي، وتستطيع من خلال التحديث الجديد إدارة أداء البطارية بالطريقة الأفضل لك، حيث يمكن لك تفعيل أو تعطيل ميزة إدارة الطاقة، وهو الخيار الذي يؤثر على أداء أجهزة آيفون.


ختامًا، قد لا تؤثر هذه التداعيات على ولاء عملاء العلامة التجارية الأغلى في العالم، وهي التي صارت كذلك بفضل العوائد المتأتية عن شرائهم لمنتجاتها. لكن، ألا تكفي كل هذه الحيثيات لتدفعهم إلى إعادة النظر في مدى ثقتهم بها؟!