المحتويات
جهنّم
أعدّ الله -سبحانه وتعالى- لمن آمن به وصدّق بالحقّ الذي جاء به الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- أجراً عظيماً ومنزلةً كريمةً يوم القيامة، كما أعد لمن عصىاه وكذّب بالحق عذاباً أليماً في نار جهنّم. وكثير من النّاس يشكّون بحقيقة العذاب في اليوم الآخر، لكن أخبرنا الله في محكم كتابه أنّ جهنّم فيها العديد من أنواع العذاب ودرجاته، كما أنّ في الجنّة ألواناً من النعيم وتزداد درجاته بزيادة درجة إيمان العبد وقُربِه من خالقه؛ ومن أصناف العذاب يوم القيامة ما يُسمّى بالويل، فما هو الويل، ومن الذي يعذّب فيه؟
جاء في القرآن الكريم ذكر بعض عقوبات أهل النّار، وذكر بعض أسماء النّار وما فيها من دركاتٍ، وأوديةٍ، وغير ذلك، وقد جاء في سورة الماعون من الوعيد والتهديد لمن لم يلتزم بالصلاة كما أمر بها الله تعالى، ومن لا يتمّ صلاته بحقها، وفي ذلك يقول الله سبحانه وتعالى: (فَوَيلٌ لِّلمُصَلِّينَ*الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاتِهِمْ سَاهُونَ*الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ*وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ)،
ويرى علماء آخرون من أهل التفسير أنّ الويل هو تهديد ووعيد لمن تكاسل عن أداء الصلاة، وقصّر في صلاته، أو قام بها في غير وقتها من غير عذر شرعي لتأخيرها، كأداء صلاة الفجر بعد شروق الشمس أو أداء صلاة الظهر في وقت صلاة العصر.
أهل وادي الويل
روي أن أهل وادي الويل هم الذين يطفّفون في الميزان ويُنقصونه عن حدّه، وروي أنّ الذين يُنقصون في الوضوء والصلاة يصدق عليهم التطفيف، وروي عن مالك أنّ كلّ شيء لا بدّ من وفائه ولم يوف فهو تطفيف، قال تعالى: (وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ*الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ*وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ).
أمّا الإمام ابن جرير الطبري فقد رجّح في تفسيره لسورة المطففين أنّ الويل هو وادٍ في جهنّم، يسيل فيه صديد أهل النّار بعد تعذيبهم فيها، فهو في أسفل جهنّم وهذا الوادي هو للذين يطففون في الميزان والمكيال، إضافةً إلى ما جاء في سورة الماعون أنّ وادي الويل أيضاً للذين يتكاسلون عن أداء الصلاة في وقتها فيُخرجونها عن وقتها المفروض، أمّا المطففون كما ذكر الطبري: (فهم الذين يُنقصون الناس ويبخسونهم حقوقهم في مكاييلهم إذا كالوهم، أو موازينهم إذا وزنوا لهم عن الواجب لهم من الوفاء)، ويرجح عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- أنّ الويل وادٍ في جهنّم يسيل فيه صديد أهل النار، وخالف في ذلك الإمام القرطبي، حيث يرى أنّ الويل هو العذاب الشديد يوم القيامة في جهنّم.
دركات النار
عذاب نار جهنّم متفاوتٌ ومختلِفٌ، كما أنّ نعيم الجنة متفاوتٌ بين أهلها، فالنار تتفاوت في العذاب بحسب شدّة الذنب، وكثرة المعاصي وعظمها، وتتفاوتُ أيضاً في شدّة الحر، وتُسمّى منازل العذاب المتفاوتة لأهل النار دركات، وتُسمّى المنازل المتفاوتة لأهل الجنة درجات، فالدرك يطلق على ما كان في الأسفل، وما كان في علوّ ورقيّ فيُسمّى درجات، قال تعالى: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ).
أمّا من حيث تقسيم دركات النار فالمنافقون لهم النصيب الأوفر فيها، حيث ثبت في كتاب الله -تعالى- أنّ المنافقين في الدرك الأسفل من النار، قال تعالى: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ).
وقد جاء في بعض الروايات لأهل العلم أنّ العُصاة من المسلمين الذين يدخلون النار تكون منزلتهم في الدرك الأعلى من النار، فهم يدخلون النار ليعذَّبون فيها بقدر أعمالهم السيئة، ثمّ يخرجون منها فلا يخلّدون فيها، وقد جاء عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في صحيح مسلم: (أمّا أهل النار الذين هم أهلها فإنهم لا يموتونَ فيها ولا يحيون ولكن ناس أصابتهم النار بذنوبهم فأماتهم إماتةً حتى إذا كانوا فحماً أُذِن بالشفاعة فجيء بهم ضبائر ضبائر فبُثّوا على أنهار الجنة ثمَّ قيل: يا أهل الجنة أفيضوا عليهِم فينبتون نبات الحبة تكون في حميل السيل)،
المراجع
- 1 - سورة الماعون، آية: 4-7. .
- 2 - سورة النساء، آية: 103. .
- 3 - عقوبة تارك الصلاة في الدنيا والآخرة , www.fatwa.islamweb.net , 26-1-2004، 12-12-2017. بتصرّف. .
- 4 - صالح بن فوزان الفوزان (1-12-2006)، " معنى قوله تعالى: فويْلٌ لّلْمصلّين " , www.ar.islamway.net , صالح بن فوزان الفوزان (1-12-200 .
- 5 - سورة المطففين، آية: 1-3. .
- 6 - تفسير قوله تعالى ((ويل للمطففين)) , www.fatwa.islamweb.net , 9-9-2003، 12-12-2017. بتصرّف. .
- 7 - سورة النساء، آية: 145. .
- 8 - دركات النار , www.dorar.net , 12-12-2017. بتصرّف. .
- 9 - سورة الأنعام، آية: 132. .
- 10 - سورة آل عمران، آية: 162 - 163. .
- 11 - رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 185، صحيح. .
- 12 - سورة فاطر، آية: 36. .