العفو وصية ربانية للمسلمين
إنّ الله -سبحانه- اتّصف بالعفو والمغفرة، والصفح عن ذنوب وزلّات عباده، كما أنّه أمر المسلمين بتطبيق هذا الخلق الرّفيع فيما بينهم، فما من شكٍّ أنّه قد يحصل بعض المواقف التي يُخطئ فيها الإنسان بحقّ أخيه عن قصدٍ أو دون قصدٍ، ثمّ يهمّ بالاعتذار إليه ليسامحه، فرغّب الله -سبحانه- أن يقبل المسلم اعتذار أخيه، ويسامحه عمّا بدر منه من سوءٍ، حيث قال الله تعالى: (فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)،
تعريف العفو والمغفرة
عرّف العلماء العفو والمغفرة لغةً واصطلاحاً، وبيان ذلك على النحو الآتي:
- معنى العفو لغةً: العفو مصدر من الفعل عَفَا، ويأتي بمعنى الصفح عن الذنوب والأخطاء، وقد يُطلق العفو لصاحب المعروف والفضل؛ فيُقال لمن معروفه كبيرٌ عظيم: عفوه وفضله، والعفو عند المقدرة يأتي بمعنى ترك العقاب عند التمكّن منه، ويُقال عفوٌ عامّ؛ إذا أسقطت العقوبة عن جميع المذنبين.
[7] - معنى العفو اصطلاحاً: هو محو السيئات، والتجاوز عن المعاصي، وقد يأتي بمعنى ترك المؤاخذة بالذنب من قِبل الله -سبحانه- لعباده.
[8] - معنى المغفرة لغةً: هي مصدر من الفعل غَفَرَ، وقد يأتي المصدر على وزن غفران كذلك، ومعناها: المسامحة، والستر عن الإثم والخطيئة، فإذا قيل: غفر الله له؛ كان ذلك دعاءً بالمغفرة والمسامحة عمّا ارتكب الشخص من أخطاءٍ.
[9] - معنى المغفرة اصطلاحاً: تأتي المغفرة بمعنى ستر الذنوب، والتغاضي عنها، وقد يلحق بالمغفرة نيل الثواب من الله -تعالى- كذلك.
[8]
الفرق بين العفو والمغفرة
ذهب العلماء إلى رأيين في توضيح الفرق بين العفو والمغفرة؛ فرأى بعضهم أنّ العفو أشمل من المغفرة، ورأى آخرون عكس ذلك؛ بأنّ المغفرة أشمل من العفو، وفيما يأتي بيان ذلك:
- ذهب الشيخ أبو حامد الغزالي -رحمه الله- إلى أنّ العفو أشمل من المغفرة؛ حيث قال: العفو هو الذي يمحو السيئات، ويتجاوز عن المعاصي، وهو قريب من الغفور، ولكنّه أبلغ منه، فإنّ الغفران يُنبئ عن الستر، والعفو يُنبئ عن المحو، والمحو أبلغ من الستر، وكذلك رأى الشيخ محمد منير الدمشقي -رحمه الله- أنّ العفو محوٌ للذنوب بالكليّة، حتى ينسى العبد أنّه أذنب الذنب أو أتاه، وأنّ المغفرة سترٌ للذنوب، وعدم المؤاخذة بها، بالرّغم من تذكّرها، فكان مضمون ذلك أنّ العفو أشمل من المغفرة.
- ذهب الرازي إلى القول بأنّ العفو أن يُسقط عنه العقاب، والمغفرة أن يستر عليه جُرمه؛ صوناً له من عذاب التخجيل والفضيحة، كأنّ العبد يقول: أطلب منك العفو، وإذا عفوت عنّي فاستره عليّ، وكذلك قال الكفوي رحمه الله؛ بأنّ الغفران يقتضي إسقاط العقاب، ونيل الثواب، ولا يستحقّه إلّا المؤمن، ولا يستعمل إلّا في الباري تعالى، والعفو يقتضي إسقاط اللوم والذمّ، ولا يقتضي نيل الثواب.
المراجع
- 1 - سورة البقرة، آية: 109. .
- 2 - سورة الأعراف، آية: 199. .
- 3 - رواه الألباني، في السلسلة الصحيحة، عن عقبة بن عامر، الصفحة أو الرقم: 6/859، إسناده صحيح. .
- 4 - سورة فصلت، آية: 34. .
- 5 - سورة التغابن، آية: 14. .
- 6 - العفو والصفح , www.alukah.net , 2018-7-9. بتصرّف. .
- 7 - معنى كلمة العفو , www.almaany.com , 2018-7-7. بتصرّف. .
- 8 - الفرق بين المغفرة والعفو , www.islamqa.info , 2018-7-7. بتصرّف. .
- 9 - معنى كلمة المغفرة , www.almaany.com , 2018-7-7. بتصرّف. .
- 10 - سورة البقرة، آية: 286. .
- 11 - الفرق بين العفو والمغفرة والرحمة , www.alukah.net , 2018-7-9. بتصرّف. .