تعريف الدستور

معلومات عامة  -  بواسطة:   اخر تحديث:  ١٠:١٣ ، ٢١ يونيو ٢٠١٧
تعريف الدستور

تعريف الدُّستور

للدُّستور تعريفات كثيرة تختلف عن بعضها البعض، وذلك وفقاً لطبيعة النّظام الدُّستوريّ، وظروف الدّولة السياسيّة والاقتصاديّة، وينقسم الفقه في تعريفه للدُّستور إلى معيارين أساسيين وهما: المعيار الشّكلي، والمعيار الموضوعيّ، ويعتمد المعيار الشّكلي على وجود وثيقة دُستوريّة تحتوي على مجموعة من القواعد والأحكام دون النّظر إلى طبيعتها، أمّا المعيار الموضوعي فهو يعتمد على مضمون القواعد الدُّستوريّة سواء كانت مكتوبة في الوثيقة أو غير مكتوبة، ويُفرّق المعيار الموضوعي بين القاعدة الدّستوريّة والقاعدة القانونيّة، فهو يأخذ بعين الاعتبار مُحتوى النّص وليس مكانه.[1]

إذاً إنّ الدُّستور عبارة عن مجموعة قواعد مكتوبة وغير مكتوبة، تحمل المبادئ والقيم المُنظّمة للمُجتمع، وتُحدّد صلاحيّات وحُدود السُّلطة السياسيّة، كما تُنظّم السُّلطات وعلاقاتها ببعضها البعض، مع الحفاظ على حُقوق وواجبات الأفراد، ويُنظّم الدُّستور الأمور الداخليّة والخارجيّة للدّولة، كما يُحدّد شكل الدّولة وحكومتها، وهو الذي يُمثّل قُوّة المُجتمع، وأي وثيقة أخرى تتعارض مع الأحكام الواردة فيه تُعد باطلة.[2]


وتعريف الدُّستور في المبادئ العامّة للقانون الدُّستوري: (مجموعة من المبادئ الأساسيّة المُنظّمة لسُلطات الدّولة والمُبيّنة لحقوق كلّ من الحُكّام والمحكومين فيها، والواضعة للأُصُول الرّئيسيّة التي تُنظّم العلاقات بين مُختلف سُلطاتها العامّة)،[2] ويقول الدّكتور إبراهيم أبو خزام في الدُّستور أنّه مجموعة من القواعد التي تصدُر عن مُشرّع دُستوري، وهي تُنظّم عمل السُّلطات العامّة في الدّولة، وتُراعي حقوق وحُريّات المُواطن وتحميها.[1]

عناصر الدُّستور

يضُم الدُّستور أربعة عناصر رئيسيّة، وهي:[2]

  • المُقدّمة: وتُسمى أيضاً الدّيباجة، وهي جُزء يخلو من القوانين، وإنّما يحُث مشاعر المُواطنين.

  • الجُزء التّنظيمي: وهو الجُزء المسؤول عن العلاقة بين السُّلطات، فهو يتضمّن بياناً يذكُر المُؤسسات والإجراءات التي يلجأ لها المُواطن لتحقيق أهدافه بطرق قانونيّة.

  • الجُزء الخاص بحقوق وحُريّات المواطن: وهو الجُزء الذّي يشتمل على حُقوق المُواطن، مثل حقّ المُساواة بغضّ النّظر عن اللون أو الجنس أو المُعتقدات، وحقّ الانتخاب، وحقّ الإضراب والتّظاهُر، كما يشتمل على حُريّات المُواطن مثل حريّة تكوين الأحزاب السياسيّة.

  • الجُزء الخاص بأحكام تعديل الدُّستور: حيث تتمتّع بعض الدّساتير بالمُرونة، وإمكانيّة تعديل بعض أحكامها، وذلك بشرط عمل استفتاء عام للشّعب وموافقة الهيئة التّشريعيّة على ذلك.

أنواع الدّساتير

تنقسم الدّساتير إلى عدّة أنواع تبعاً لأمور مُعيّنة، فمن حيث التّدوين تنقسم إلى مكتوبة أو عُرفيّة، ومن حيث المُرونة في تعديل الأحكام فهي مرنة أو جامدة، ومن حيث الإطالة في التّفاصيل فهي دساتير مُطوّلة أو مُوجزة، أمّا من حيث ديْمُومتها فهي دائمة أو مُؤقتّة، والدّساتير حسب طريقة وضعها تكون ديمُقراطيّة أو غير ديمقراطيّة، وحسب نظام الدّولة تكون ملكيّة أو جُمهوريّة، إضافة إلى تقسيمات أخرى غيرها، وفيما يلي توضيح بسيط للأساسي منها:[3]

الدّّساتير المكتوبة والدّساتير العُرفيّة


وتُدعى أيضاً المُدوّنة وغير المُدوّنة، فالدُّستور المُدوّن هو الذي تصدُر أحكامه على شكل نُصوص شرعيّة في وثيقة واحدة أو أكثر، وتكون صادرة عن هيئة مُختصّة بذلك، ولا يُشترط أنْ تكون جميع الأحكام مكتوبة وإنّما غالبيّتها، أمّا الدّساتير غير المُدوّنة أو العُرفيّة فهي التي تكون أحكامها ومبادؤها عُرفيّة، وغير صادرة عن هيئة رسميّة مُختصّة، والأصح أنْ تُسمّى بالدّساتير غير المُدوّنة؛ وذلك لأنّها لا تشتمل على الأعراف فقط، وإنّما على أحكام القضاء أيضاً.


الدّساتير الجامدة والدّساتير المرنة


الدُّستور الجامد هو الذي لا يُمكن إجراء تعديلات على أحكامه بسُهولة ويُسر، وليس المقصود به استحالة التّعديل، وإنّما يكون تعديل الأحكام أكثر صُعوبة من القوانين العاديّة، وتُحال إجراءات التّعديل إلى هيئة غير تلك المسؤولة عن القوانين العاديّة، وجُمود الدُّستور ينطبق على جميع قوانينه حتّى تلك التي تحمل طبيعة غير دُستوريّة، مثل نُصوص الأُسرة والمُجتمع، ولا ينطبق الجُمود على النُّصوص الدُّستورية المُنظّمة في قوانين خاصّة مثل قانون مجلس النُّواب أو الأحزاب السّياسيّة.


وبالنّسبة للدُّستور المرن فهو الذي يُمكن تعديل أحكامه بالطّريقة نفسها التي تُعدّل فيها القوانين العاديّة، وتقوم بذلك السُّلطات المسؤولة نفسها عن تعديل القوانين العاديّة، وغالبا تكون الدّساتير غير المُدوّنة دساتير مرنة؛ لأنّها نشأت عن طريق الأعراف أو الأحكام القضائيّة السّابقة وبذلك يتم تعدليها بإصدار تشريع جديد يُخالف القديم.


الدّساتير الدّائمة والدّساتير المُؤقتة


الدُّستور الدّائم هو الذي يتم وضْع أحكامه لتُنظّم أوضاع الدّولة لأجل غير مُحدّد، وقد ظهر هذا المُصطلح ليتم تمييز الدّساتير المُدوّنة عن غير المُدوّنة؛ وذلك لأنّ الدّساتير غير المُدوّنة لا يُمكن أنْ تكون إلّا دائمة؛ كونها تصدُر من الأعراف والأحكام القضائيّة السّابقة، أمّا الدُّستور المُؤقت فهو الذي يصدُر بهدف تنظيم الدّولة خلال فترة انتقاليّة، أو لفترة مُؤقتة إلى حين سَنّ دُستور دائم للدّولة، ولا يُصرّح بفترة ديمومته وإنّما يُشار في أحكامه إلى أنّه مُؤقت، وتُسنّ مثل هذه الدّساتير في فترات الانقلاب أو الثّورة بحيث تكون الأوضاع غير مُستقرّة فتلجأ الهيئة التّشريعية لذلك.


الدّساتير المُوجزة والدّساتر المُطوّلة


الدُّستور المُوجز هو الدُّستور الذي تُنظّم أحكامه الدّولة دون إسهاب، بحيث يكون عدد النّصوص مُحدّداً ولا تخوض في التّفاصيل، وتتْرُك هذه الدّساتير المسائل الفرعيّة والدّقيقة للأعراف، أمّا الدُّستور المُطوّل فهو الذي يخوض في التّفاصيل، ويُسهب في القضايا الفرعيّة، ويُعالج قضايا من اختصاص المُشرّع العادي، كما أنّه ليست هناك أيّ علاقة بين إيجاز الدّستور وديمومته، فالدّستور المُوجز هو دُستور إمّا دائم وإمّا مُؤقت.


الدّساتير الدّيمقراطيّة والدّساتير غير الدّيمقراطيّة


تُقسّم الدّساتير إلى ديمقراطيّة وغير ديمقراطيّة، وذلك تبعاً لأسلوب وضعها، وتضع هذه الدّساتير الجمعيّة التأسيسيّة أو الاستفتاء الدُّستوري، حتى وإن كانت الصّلاحيّات بيد هيئة واحدة، أمّا الدُّستور غير الديمقراطي فيُوضع بأسلوب العقد، وهو بذلك غير ديمقراطيّ حتّى وإنْ كانت الصّلاحيات مُوزّعة على السُّلطات الثّلاث، وتحتوي على مبادئ ديمقراطيّة في نُصوصها.

القواعد التي يُعالجها الدُّستور

من أهم القواعد التي يُعالجها الدّستور سواء كان شكلياً أو موضوعياً:[1]

  • القواعد المنظّمة لعمل السُّلطات التشريعيّة، والتنفيذيّة، والقضائيّة، من حيث صلاحيّاتها، وطُرق ممارستها لها والعلاقة بينها.

  • الحُريّات والحقوق الأساسيّة للمُواطنين، وكيفيّة حمايتها.

  • أساليب نشأة الدُّستور سواء كانت أساليب ديمقراطيّة، أو غير ديمقراطيّة.

طرق وضع الدّساتير

يتم وضع الدُّستور وسنّ قوانينه وأحكامه بطرق ديمقراطيّة وغير ديمقراطيّة، والطرق الديمقراطيّة هي:[4]

  • طريقة المنحة: وفيها يكون الملك هو صاحب السُّلطة المُطلقة، ولكنّه يتنازل عن جُزء من صلاحيّاته بسبب ظُروف مُعيّنة.

  • طريقة العقد: وهي طريقة يتعاقد فيها الحاكم مع مُمثّلي الشّعب ويتم إصدار الدُّستور بعدها.


وبعد تطوُّر المُجتمعات وظُهور الأنظمة الدّيمقراطيّة أصبحت الدّساتير تُوضع بنظام ديمقراطي يتمثّل بطريقتين هُما:[4]
  • الجمعيّة التّأسيسيّة المُنتخبة: وفيها ينتخب الشّعب أشخاصاً يمثّلونه بهذه المُهمّة.

  • الاستفتاء الدّستوري: بحيث تُوضع أحكام الدُّستور عن طريق جمعية نيابيّة مُنتخبة من قبل الشعب، وبعد ذلك يتم عرض الدُّستور على الشّعب ولا يُصبح نافذاً إلّا بعد موافقة الشّعب عليه.

سُموّ الدُّستور

يُقصد بسُموّ الدُّستور أنّ أيّ قاعدة دُستوريّة تعلو على كافّة القواعد القانونيّة التي تُطبّق في الدّولة سواء شكلياً أو موضوعياً، وبالتالي فإنّ نظام الدّولة محكوم بهذه القواعد الدُّستوريّة، وعلى كافّة سُلطات الدّولة أنْ تُمارس أيّ اختصاص وفق تلك الأحكام والقواعد، ومن نتائج سُموّ الدُّستور أنّ قواعد الدستور وأحكامه تُصبح أكثر ثباتاً من القوانين العاديّة، ولا يُمكن إلغاء أي قاعدة إلا باستبدالها بقاعدة أخرى، كما أنّه لا يُمكن أنْ تُخالف القوانين العاديّة أي قاعدة دُستوريّة.[5]ويختلف السُّمو الموضوعي عن السُّمو الشّكلي للدُّستور، وفيما يلي توضيح بسيط لكل منهما:[5]

السُّمو الموضوعي للدُّستور


يكون السُّمو الموضوعي للدّستور في الأمور التي تُنظّمها قواعده، مثل أُسس وقواعد نظام الحُكم، وتحديد الفلسفة الاقتصاديّة، والسياسيّة، والاجتماعيّة لنظام الحُكم، وبإنشاء السُّلطات العامّة في الدّولة، وتحديد كيفيّة تعاملها ومُمارسة وظائفها، ويُسمّى أيضاً بالسُّمو المادّي، ومن نتائجه أنّه يُعزّز مبدأ المشروعيّة، حيث يخضع الحاكم والمحكوم للقوانين والأحكام الصّادرة عنه، كما تقوم السُّلطات الثّلاث، التّشريعيّة والتنفيذيّة والقضائيّة بمهمّاتها وفق أحكام وشُروط الدُّستور، ويُمنع أيضاً تفويض أيٍّ من مهمّات السُّلطات الثّلاث التي منحها إيّاها الدّستور لأي جهة أخرى.


السُّمو الشّكلي للدُّستور


يتحقّق هذا النّوع من السُّمو عندما تكون إجراءات تعديل أيّ من أحكام الدُّستور مُعقّدة، ومن نتائج ذلك أنّ يُصبح الدُّستور في قمّة الهرم، ولا تستطيع أيّ هيئة أن تسنّ أيّ قانون مُخالف لأحكامه، وهذا يشمل جميع قواعد الدُّستور في الدّساتير الجامدة، أمّا المرنة منها فلا يتحقّق هذا النّوع من السُّمو لها؛ لأنّه من المُمكن أن تُعدّل أحكامها بإجراءات تعديل أيّ قانون آخر.

المراجع