لماذا يحب الله المؤمن القوي

معلومات عامة  -  بواسطة:   اخر تحديث:  ٢٢:١٤ ، ١٧ أغسطس ٢٠٢٠
لماذا يحب الله المؤمن القوي

المؤمن القوي

المحبّة صفة من صفات الله -تعالى- وهي متعلّقة بإرادته ومشيئته، لكنّها تتفاضل بين محبوباته؛ فمحبّته للمؤمن القويّ أعظم وأشدّ من محبّته للمؤمن الضعيف، كما أنّ الإيمان يكون يكون بالقول والفعل كما يكون بالقلب، وقد دلّ على ذلك قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (الْمُؤْمِنُ القَوِيُّ، خَيْرٌ وَأَحَبُّ إلى اللهِ مِنَ المُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وفي كُلٍّ خَيْرٌ).[1]2 وتجدر الإشارة إلى أنّ المراد بالقوة في قوله -صلّى الله عليه وسلّم-: (الْمُؤْمِنُ القَوِيُّ)[1] هي القوّة في كل أمر من أمور الدين والدنيا، وذلك لأنّ الحديث عامٌّ في ذلك،[3] فالقوّة في هذا الحديث تعني قوّة الإيمان، والطاعة، والعبادة، والعلم، كما تعني قوّة العزيمة والإرادة في الخير، وقوّة البدن عندما تكون معيناً لصاحبها على طاعة الله -سبحانه-، فالقوّة وحدها لا تُعتبر محمودة؛ إذ قد تكون سبباً لظلم الناس وبطشهم وأخذ حقوقهم، في حين أن القوة المحمودة هي التي تُستعمل في طاعة الله -عزّ وجلّ- ورضاه، وفي سبيل خدمة دين الإسلام العظيم.[4]

القوّة المقصودة -في الحديث السابق- هي قوّة الإيمان، وعزيمة النفس، ورغبتها في أمور الآخرة،[5][6] لأنّ لفظ القوّة عائد إلى وصف ما سبقه وهو الإيمان، وذلك يماثل قول: "الرجل القوي"؛ أي قويّ في رجولته،[5] وهي أيضاً قوّة البدن والعمل بنفع المسلمين، ومساعدة المحتاجين وإخلاص النيّة في العمل وتأّديته بصدق وأمانة، وكسب الرزق الحلال، وبذلك يكون المؤمن قويّاً فيما بينه وبين الله -تعالى- وفيما بينه وبين الناس،[3][7] والإيمان كلّه خير؛ فالمؤمن الضعيف فيه خير، لكنّ المؤمن القويّ أكثر خيريّة منه لنفسه ودينه وللمسلمين، وفي ذلك حثّ للمؤمن على الاستزادة من القوّة؛ فالإسلام هو دين القوّة والعزّة والرفعة،[7] أمّا كون الله -تعالى- محبّاً للمؤمن القويّ أكثر من المؤمن الضعيف فهذا عائد لما يأتي:

  • المؤمن القوي أقدر على القيام بما أوجبه الله -تعالى- عليه؛[8][5] فهو في صلاته قويّ لا يُفرّط فيها ولا يؤديها إلّا في المسجد، ويكمل ما ينقص منها ويُتمّها بالنوافل، وهو في زكاته قويّ يُخرجها في وقتها المحدد كاملة لا ينقص منها شيء؛ فيؤدّيها لمُستحقيها، وهو في صيامه وحجّه وبرّه بوالديه وفي سائر العبادات قويّ كذلك،[3] وهذا عائد إلى قوّة إيمانه وحزمه وإصراره، بخلاف المؤمن الضعيف الذي لا يحمله إيمانه على فعل ما أوجبه الله -تعالى- عليه، ولا يبتعد عمّا نُهيَ عنه؛ فنفسه ضعيفة أمام المحرّمات والمغريات.[5][8]

  • المؤمن القويّ عزيمته أشدّ في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو قادر على تحمّل المشاق والأذى في سبيل ذلك، ومبادرته إلى الجهاد والإقدام على ملاقاة العدو أسرع.[6]

  • المؤمن القوي وافق الله -تعالى- في صفة القوة؛ فقد اتّصف -سبحانه وتعالى- بصفات الكمال كلها ولا مبلغ لمدحه والثناء عليه في الكمال، ومَن وافق ربه بصفة من صفاته كانت سبباً في قربه من رحمته وجعله محبوباً له؛ إذ إنّه قويّ ويحب القوي.[9]

  • المؤمن القويّ خيره يتعداه لِيصل غيره؛ فبقوّته الإيمانيّة والعمليّة والبدنيّة يدافع عن الإسلام والمسلمين، ويسعى في تحقيق مصالحهم وكل ما فيه نفع لهم،[7] على خلاف المؤمن الضعيف الذي يعجز عن إيصال الخير وتعديته لغيره.[8]

ثمار حب الله للمؤمن

أنعم الله -تعالى- على عباده بالكثير من النعم، ومن أجلّ هذه النعم وأفضلها نعمة محبّة الله -تعالى- له، ولهذه المحبّة العديد من الثمار، ومنها ما يأتي:[10]

  • توفيق المؤمن لفعل الخير والابتعاد عن فعل الشر، وتُيسير الأسباب له، وتسهيل كل عسير عليه.

  • تعظيم محبّة المؤمن في قلوب العباد من حوله،[11] إذ يجعل الله -تعالى- قلوب عباده مُقبلة إليه بالمحبّة والودّ؛[10] لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إذا أحَبَّ اللَّهُ عَبْدًا نادَى جِبْرِيلَ: إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلانًا فأحِبَّهُ، فيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، فيُنادِي جِبْرِيلُ في أهْلِ السَّماءِ: إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلانًا فأحِبُّوهُ، فيُحِبُّهُ أهْلُ السَّماءِ، ثُمَّ يُوضَعُ له القَبُولُ في أهْلِ الأرْضِ).[12][11]

  • غفران ذنوب العبد المؤمن؛ لينال رضى الله -تعالى- وجنّته وينجو من سخطه وناره، قال -تعالى-: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّـهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّـهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ).[13][11]

المراجع