المؤمن القوي
المحبّة صفة من صفات الله -تعالى- وهي متعلّقة بإرادته ومشيئته، لكنّها تتفاضل بين محبوباته؛ فمحبّته للمؤمن القويّ أعظم وأشدّ من محبّته للمؤمن الضعيف، كما أنّ الإيمان يكون يكون بالقول والفعل كما يكون بالقلب، وقد دلّ على ذلك قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (الْمُؤْمِنُ القَوِيُّ، خَيْرٌ وَأَحَبُّ إلى اللهِ مِنَ المُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وفي كُلٍّ خَيْرٌ).
القوّة المقصودة -في الحديث السابق- هي قوّة الإيمان، وعزيمة النفس، ورغبتها في أمور الآخرة،
- المؤمن القوي أقدر على القيام بما أوجبه الله -تعالى- عليه؛
[8] [5] فهو في صلاته قويّ لا يُفرّط فيها ولا يؤديها إلّا في المسجد، ويكمل ما ينقص منها ويُتمّها بالنوافل، وهو في زكاته قويّ يُخرجها في وقتها المحدد كاملة لا ينقص منها شيء؛ فيؤدّيها لمُستحقيها، وهو في صيامه وحجّه وبرّه بوالديه وفي سائر العبادات قويّ كذلك،[3] وهذا عائد إلى قوّة إيمانه وحزمه وإصراره، بخلاف المؤمن الضعيف الذي لا يحمله إيمانه على فعل ما أوجبه الله -تعالى- عليه، ولا يبتعد عمّا نُهيَ عنه؛ فنفسه ضعيفة أمام المحرّمات والمغريات.[5] [8] - المؤمن القويّ عزيمته أشدّ في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو قادر على تحمّل المشاق والأذى في سبيل ذلك، ومبادرته إلى الجهاد والإقدام على ملاقاة العدو أسرع.
[6] - المؤمن القوي وافق الله -تعالى- في صفة القوة؛ فقد اتّصف -سبحانه وتعالى- بصفات الكمال كلها ولا مبلغ لمدحه والثناء عليه في الكمال، ومَن وافق ربه بصفة من صفاته كانت سبباً في قربه من رحمته وجعله محبوباً له؛ إذ إنّه قويّ ويحب القوي.
[9] - المؤمن القويّ خيره يتعداه لِيصل غيره؛ فبقوّته الإيمانيّة والعمليّة والبدنيّة يدافع عن الإسلام والمسلمين، ويسعى في تحقيق مصالحهم وكل ما فيه نفع لهم،
[7] على خلاف المؤمن الضعيف الذي يعجز عن إيصال الخير وتعديته لغيره.[8]
ثمار حب الله للمؤمن
أنعم الله -تعالى- على عباده بالكثير من النعم، ومن أجلّ هذه النعم وأفضلها نعمة محبّة الله -تعالى- له، ولهذه المحبّة العديد من الثمار، ومنها ما يأتي:
- توفيق المؤمن لفعل الخير والابتعاد عن فعل الشر، وتُيسير الأسباب له، وتسهيل كل عسير عليه.
- تعظيم محبّة المؤمن في قلوب العباد من حوله،
[11] إذ يجعل الله -تعالى- قلوب عباده مُقبلة إليه بالمحبّة والودّ؛[10] لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إذا أحَبَّ اللَّهُ عَبْدًا نادَى جِبْرِيلَ: إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلانًا فأحِبَّهُ، فيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، فيُنادِي جِبْرِيلُ في أهْلِ السَّماءِ: إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلانًا فأحِبُّوهُ، فيُحِبُّهُ أهْلُ السَّماءِ، ثُمَّ يُوضَعُ له القَبُولُ في أهْلِ الأرْضِ).[12] [11] - غفران ذنوب العبد المؤمن؛ لينال رضى الله -تعالى- وجنّته وينجو من سخطه وناره، قال -تعالى-: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّـهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّـهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ).
[13] [11]
المراجع
- 1 - رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2664 ، صحيح. .
- 3 - عبد الرحمن الدوسري (7-10-2016)، " حديث: المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف " , www.alukah.net , عبد الرحمن الدوسري (7-10-2016)، .
- 4 - شرح حديث (المؤمن القوي) وبيان معنى القوة فيه , www.islamqa.info , 3-8-2011، 18-8-2020. بتصرّف. .
- 5 - ابن عثيمين (1426ه)، <i> " شرح رياض الصالحين " , ، الرياض: دار الوطن ، صفحة 77، جزء 2 , ابن عثيمين (1426ه)، .
- 6 - النووي، <i> " المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج " , (الطبعة الثانية)، بيروت: دار إحياء التراث العربي، صفحة , النووي، .
- 7 - صالح الفوزان، <i> " مجموع فتاوى فضيلة الشيخ صالح بن فوزان " , ، صفحة 198، جزء 1 , صالح الفوزان، .
- 8 - عبد الكريم الخضير، <i> " شرح جوامع الاخبار " , ، صفحة 10، جزء 3 , عبد الكريم الخضير، .
- 9 - ابن القيم (1429ه)، <i> " الداء والدواء " , (الطبعة الأولى)، مكة المكرمة: دار عالم الفوائد، صفحة 166 , ابن القيم (1429ه)، .
- 10 - عبد الرحمن السعدي (1420ه - 2000م)، <i> " تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان " , (الطبعة الأولى)، بيروت: مؤسسة الرسالة، صفحة 235 , عبد الرحمن السعدي (1420ه - 2000م .
- 11 - نهى قاطرجي، " يكفيك حب الله عز وجل " , www.saaid.net , نهى قاطرجي، .
- 12 - رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 6040، صحيح. .
- 13 - سورة آل عمران، آية: 31. .