ما هو ثابت هابل؟ 

معلومات عامة  -  بواسطة:   اخر تحديث:  03-06-2020
ما هو ثابت هابل؟ 

 

يُعَدّ ثابت هابل وحدةَ القياس المستخدمة لوصف توسّع الكون، فالكون مازال يتمدد حتى الآن منذ بدء الانفجار العظيم قبل نحو 13.82 مليار سنة. وفي الحقيقة، يزداد معدل تسارع الكون كلما أصبح أكبر، وتشير وكالة ناسا إلى أن المدهش في توسع الكون ليس فقط معدل هذا التوسع وإنما أيضاً ما ينجم عنه من آثار.

 

فإذا بدأ هذا التوسع في التقليل من سرعته فإن ذلك يعني أنه ثمّة شيء ما في الكون يبطئ من نموه، وقد تكون المادة المظلمة Dark matter هي التي تقوم بذلك غيرَ أن المادة المظلمة غير قابلة للرصد باستخدام الأدوات التقليدية، أما في حال أصبح توسع الكون أسرع، فمن الممكن أن تكون الطاقة المظلمة Dark energy هي من يدفع بهذا التوسع ليزيد من سرعته.

 

اعتباراً من يناير/كانون الثاني من عام 2018، أظهرت قياسات من تلسكوبات متعددة أنّ معدل توسع الكون يختلف تبعاً للمكان الذي تنظر إليه. يتمتع الكون القريب (يقاس بواسطة تلسكوب هابل الفضائي والتلسكوب الفضائي غاي) بمعدل توسع يعادل 45.6 ميل في الثانية (73.5 كيلومتر في الثانية) لكل ميغا فرسخ فلكي Megaparsec، في حين أن الكون الأبعد في الخلفية (مقاس بواسطة تلسكوب بلانك) هو أبطأ قليلاً في توسعه، حيث يقدر معدل توسعه بـ 41.6 ميل في الثانية (67 كيلومتراً في الثانية) لكل ميغا فرسخ فلكي. علماً أن الميغا فرسخ فلكي يساوي مليون فرسخ فلكي (الفرسخ الفلكي وحدة لقياس المسافات بين النجوم يساوي 3.3 سنة ضوئية تقريباً)، أو نحو 3.3 مليون سنة ضوئية، لذلك فمعدل التوسع سريع بشكل لا يمكن تصوره.

 

اكتشاف ثابت هابل

اقترح ثابت هابل للمرة الأولى من قبل إدوين هابل Edwin Hubble والذي سُمّي باسمه تلسكوب هابل الفضائي، وكان هابل عالم فلك أمريكي، درس المجرات البعيدة ولا سيّما تلك التي تبتعد عن مجرتنا.
تشير وكالة ناسا إلى أنه في العام 1929 وبالاعتماد على ملاحظة عالم الفلك هارلو شابلي Harlow Shapley والتي تنص على أن المجرات في الكون تبتعد عن مجرة درب التبانة، اكتشف إدوين هابل أنه كلما زادت المسافة التي تفصلنا عن المجرات، زادت سرعة ابتعادها عنا، أي إن العلاقة بين المسافة والسرعة علاقة طردية. في حين أن العلماء فهموا بعد ذلك ظاهرة ابتعاد المجرات عن بعضها البعض، يدرك علماء الفلك اليوم أن ما يُرصَد حقاً هو توسع الكون، فأينما كنت في الكون، سترى ظاهرة توسعه تحدث بالسرعة نفسها.
على مر السنوات، أُدخلت التحسينات على حسابات هابل الأوليّة، وذلك بفضل استخدام تلسكوبات حساسة أكثر فأكثر لإجراء القياسات.




وتضم هذه التلسكوبات تلسكوب هابل الفضائي وغايا اللذان أجريا فحوصاً حول نوع من النجوم المتغيرة تدعى النجوم المتغيرة القيفاويّة Cepheid Variable كما تضم أيضاً تلسكوبات أخرى اعتمدت في استقرائها على قياسات إشعاع الخلفية الكونية الميكروي (حرارة خلفية ثابتة للكون تعرف أحياناً بشفق الانفجار العظيم).


 


ما هو ثابت هابل؟ 
تفسر هذه الصورة العلاقة بين الدورة التقلّبية للنجم القيفاويّ وشدة إضاءته، والتي تثبت أنه إذا كنت تعرف الدورة التقلبية لنبض النجم القيفاوي، فإنه يمكنك أن تحدد شدة سطوعه الحقيقي. وبالمقارنة بين شدة السطوع الحقيقي للنجم القيفاوي وشدة سطوعه المرصود بإمكانك أن تحدد المسافة التي يبعدها هذا النجم، وذلك لأنه يخفت كلما ابتعد أكثر. استخدم تلسكوب سبيتزر Spitzer قياسات المسافة هذه من أجل قياس معدل توسع الكون بشكل أكثر دقة مما سبق. حقوق الصورة: NASA/JPL-Caltech/Carnegie



 


المتغيرات القيفاويّة
هناك عدة أنواع من النجوم المتغيرة، لكن أفضلها لقياس ثابت هابل هو النجم المتغير القيفاويّ، فوفقاً لوكالة ناسا، هذه نجوم تغير من شدة سطوعها الظاهري بانتظام ضمن فترة تتراوح ما بين يومين ومئة يوم، ويعتبر النجم القطبي Polaris أكثر هذه النجوم شهرة.

 

يوجد علاقة تربط بين فترة تغير سطوع تلك النجوم وشدة سطوعها الحقيقي، ما يعني أنه بإمكاننا قياس المسافة التي تفصلنا عن نجم ما عن طريق قياس التغير في شدة سطوعه الظاهري، فكلما كان النجم القيفاوي أكثر سطوعاً، كان من الأسهل قياس المسافة التي تفصله عن الأرض.

 

كما يمكن رؤية بعض النجوم القيفاوية من الأرض، غير أن الذهاب إلى الفضاء يُمكّننا من إجراء قياسات أكثر دقة لتلك النجوم.

 

تمكن إدوين هابل من قياس بعد نجوم قيفاويّة تبعد عنا نحو 900,000 سنة ضوئية، والتي تعتبر مسافة مذهلة بالنسبة لذلك الوقت، ولكن بمقاييس الكون تبقى قريبة نسبياً من الأرض. وكلما زادت المسافة في الفضاء، أصبحت النجوم القيفاويّة أكثر خفوتاً بالنسبة لنا، كما أنها تنحسر بشكل أسرع بعيداً في الفضاء حيث تمكن تلسكوب هابل من إجراء القياسات، وذلك بعد اطلاقه في تسعينيات القرن الماضي.

 

وفي عام 2013، أطلق تليسكوب غايا الفضائي خريطة دقيقة لمواقع وسطوع ما يقرب من مليار نجم. وقد ساعدت بياناته أيضاً في تحسين ثابت هابل. ومع ذلك فإن النجوم القيفاويّة ليست مثالية لقياس ثابت هابل. فعلاوةً على وجود صعوبات أخرى، تقع النجوم القيفاويّة غالباً في المناطق الغبارية (والتي تخفي بعض الأطوال الموجية في الصور الملتقطة لتلك النجوم) كما تقع على مسافات أبعد، مما يجعل رصدها أصعب كونها خافتة من منظورنا.

 

غير أنه ثمّة أساليب أخرى قد نشأت لإكمال القياسات على النجوم القيفاويّة، كعلاقة تولي-فيشر Tully -Fisher والتي توضح العلاقة بين سرعة دوران المجرة الحلزونية وشدة إضاءتها. يقول شوكو ساكي Shoko Sakai وهو باحث مشارك في المرصد الفلكي الوطني البصري NOAO: "الفكرة هي أنه كلما كبرت المجرة كلما دارت بشكل أسرع. هذا يعني أنه إذا كنت تعرف سرعة دوران المجرة الحلزونية، فيمكنك أن تحسب باستخدام علاقة تولي فيشر السطوع الحقيقي الخاص لها (أي مدى سطوع هذه المجرة)، وعن طريق مقارنة السطوع الحقيقي مع السطوع الظاهري (ما تراه في الواقع لأنه كلما زاد بعد المجرة، كلما كانت أكثر خفوتاً) يمكنك حساب بعدها".