هل حانت نهاية قانون مور حقًا أم أنَّ للذكاء الاصطناعي كلام آخر؟

معلومات عامة  -  بواسطة:   اخر تحديث:  2020/10/24
هل حانت نهاية قانون مور حقًا أم أنَّ للذكاء الاصطناعي كلام آخر؟

نحن مدينون لغوردون مور حتى الآن لاكتشافه الخطير، فيُعتَبر قانون مور أحد أهم القوانين الأساسية في تقدم التكنولوجيا، وخاصةً في صناعة الإلكترونيات والحواسيب، ولسوء الحظ فقد أصبح قانون مور غير مناسب في الآونة الأخيرة، ولنكن دقيقين أكثر من ذلك فقد اختل قانون مور في عام 2005، وبدأ العاملون في المجال الإلكتروني يعتقدون بأنَّ قانون مور أصبح غير مجدي؛ نظرًا للتطورات التقنية الهائلة التي تحيط بنا.


وكان ذلك صحيحًا حتى ظهور الذكاء الاصطناعي في مجريات الأحداث، فيبدو أنَّ قواعد اللعبة قد تغيرت قليلًا، ويتمّ إحياء قانون مور من جديد ولكن ببطء.


ما هو قانون مور؟


لاحظ غوردن مور أحد مؤسسي شركة إنتل الأوائل في عام 1965 بأنَّ عدد الترانزستورات في الشرائح الإلكترونية يتضاعف مرةً كلّ سنة وبنفس الأداء، وقد انخفضت التكاليف إلى النصف. لذا، فقد توقّع حينها بأنَّ ذلك قد يستمر في المستقبل المنظور.


وقد صاغ مور فرضيته الجديدة بعد عشر سنوات من ذلك أيّ في عام 1975، فقد استنتج مور بأنَّ عدد الترانزستورات في الشرائح الإلكترونية يتضاعف مرةً كلّ سنتين بدون زيادة في حجم المعالج، والتزمت معظم الشركات التقنية حينها بهذا القانون، واعتمدوه كفرضية ثابتة، وتمّ تصنيع معظم الأجهزة الإلكترونية اعتمادًا على هذا القانون.


أعلم بأنَّ ذلك مشابه لرؤيتي للسماء تمطر، فهل يمكنني أن أقول بأنَّها ستمطر كلّ يوم؟؟ وأعلم أنَّ البعض قد يشكك في ذلك، ولكن قانون مور ليس مجرد تخمين عشوائي، فهو أيضًا يتفق مع قاعدة مقياس دينارد لقياس التكنولوجيا، والتي تنص على أنَّه مهما صغرت مساحة الترانزستور، فإنَّ طاقته ستظل ثابتةً، وهذا يعني بلغة بسيطة بأنَّ عدد الترانزستورات سيزداد في واحدة المساحة، ولكن الطاقة اللازمة لتشغيل هذه الترانزستورات ستبقى كما هي، وقد تحققت هذه التنبؤات حينها، وقد ازدهرت صناعة الإلكترونيات بشكلٍ مذهلٍ.


ولم يصبح الترانزستور أصغر فحسب، بل أيضًا أسرع وأكثر كفاءةً في استخدام الطاقة، حيثُ تطوّرت الشرائح الإلكترونية من حيث الأداء، فقد تطوّر أداؤها ضعفين مقابل نفس السعر ونفس مقدار الطاقة اللازمة، وقد استمر ذلك لخمسين عامًا، وربما كان لذلك الدور الأعظم في التطوّر التقني الذي نراه اليوم أمامنا.


لماذا قد ينهار قانون مور؟


في الماضي كان جلب التقنية إلى الناس وجعلها في متناول الجميع هو الهدف الحقيقي، وقد ازدهرت صناعة الإلكترونيات وازدهرت الأعمال التجارية أيضًا، أمَّا في السنوات الأخيرة فقد تغير الهدف قليلًا، فهناك منافسة حقيقية بين الكثير من الشركات في عالم التكنولوجيا، وكان على الشركات تقديم جودة ممتازة لإرضاء زبائنها، حيثُ يجب أن تقدّم مواصفات جيدة وتجربة استخدام ممتعة مع كلّ منتج جديد يتمّ طرحه في السوق. لذا، مع زيادة المتطلبات من هذه المنتجات وزيادة مواصفات الأجهزة الإلكترونية لدرجة لم نكن نتخيلها في الماضي، فهل كنت تتخيل جهازًا مثل: AlterEgo منذ عشرين عامًا؟؟


لم يعد بالإمكان تعديل هذه الأجهزة الإلكترونية وتصغير القطع الإلكترونية أكثر من ذلك، ومراعاة توفير الطاقة لتتلاءَم مع قانون مور، وتقديم مواصفات مذهلة للمشترين في آن معًا، فقد أصبحت تكلفة التصغير ومراعاة قانون مور باهظة الثمن، وكأنَّ الأمرَ برمته صفقةٌ خاسرةٌ بالنسبة للشركات التقنية المصنّعة لهذه الأجهزة، وهنا بدأوا التفكير بجدية بإنهاء قانون مور حتى ظهور الذكاء الاصطناعي.


 كيف ساهم الذكاء الاصطناعي في إحياء قانون مور من جديد؟


هل حانت نهاية قانون مور حقًا أم أنَّ للذكاء الاصطناعي كلام آخر؟


نعلم جميعًا بأنَّ الذكاء الاصطناعي هو المجال الأكثر إثارةً على الساحة التقنية، ويمكن أن نرى ذلك في وسائل الإعلام والأفلام وفي وسائل التواصل الاجتماعي، فأخبار الذكاء الصنعي تنتقل كالنار في الهشيم من حولنا، فهل تتذكر صوفيا الروبوت والمواطنة السعودية التي تدافع عن حقوق المرأة؟؟


وربما الفضل بكلِّ ذلك لآلان تورينج مخترع الحوسبة الحديثة، حيثُ بدأ يفكّر في جعل الآلة تفكّر كالبشر، وعندما استنتج مدى صعوبة ذلك بدأ يفكّر بطريقة أُخرى، حيث اقترح في عام 1950 التالي:


“بدلًا من محاولة إنتاج برامج لمحاكاة عقول البالغين، فلماذا لا نحاول إنتاج برامج تحاكي عقول الأطفال، وإذا تمّ إخضاع تلك البرامج لمسار دراسي مناسب، فسنحصل على برمجيات تحاكي عقول البالغين”.


تطوّرت هذه الفكرة فيما بعد لتصبح التعلّم العميق، ويمكنك أن تقرأ هذه السلسلة الممتعة جدًا لتدرك ماهية الذكاء الاصطناعي، وما هو التعلم العميق (1، 2، 3، 4).


أمَّا الآن في عام 2018 فلدينا كم هائل من البيانات من حولنا، وما نزال نطوّر خوارزميات ذكاء صنعي وتعلّم عميق وآليات لمعالجة هذا الكم الهائل من البيانات، ولكن بدأ السؤال التالي يظهر بجدية أمامنا: هل لدينا الأجهزة والعتاد اللازم للقيام بهذه الحسابات اللازمة لمعالجة هذه البيانات في فترة زمنية قصيرة؟ وإذا استطعنا ذلك فهل يمكننا القيام بذلك بدون تخريب كوكبنا الجميل والتسبب باحترار عالمي آخر؛ وذلك بسبب الحرارة الناتجة عن تلك العمليات والحسابات الهائلة؟؟


وقد أجاب الذكاء الاصطناعي عن ذلك ولكن بطريقة مختلفة، حيثُ يفرض الذكاء الاصطناعي بعض القواعد التي يجب أن نلتزم بها، فمن وجهة نظر الذكاء الصنعي يجب أن نحافظ على مقدار الطاقة التي نستخدمها، إضافةً إلى زيادة في الأداء. لذا، فيمكننا معالجة هذه البيانات الهائلة بمرونة وسهولة بدون استهلاك كمية كبيرة من الطاقة، ألا يبدو ذلك مألوفًا بالنسبة لك؟؟


تمامًا مثلما تفكّر، فذلك يشبه قانون مور، فقد أجبر الذكاء الاصطناعي صُنّاع التقنية على صناعة معالجات جديدة يمكنها إجراء المزيد والمزيد من العمليات الحسابية لكلِّ وحدة زمنية، مع الحفاظ على استهلاك الطاقة والتكلفة، حيثُ يقوم الذكاء الصنعي بالالتزام بمقياس دينارد التقني من جديد، وبالتالي إحياء قانون مور مرةً أُخرى.


لا نعلم تمامًا متى سيتمّ تطبيق ذلك، أو متى ستصدر تلك المعالجات الجديدة الخارقة، ولكن الأمر الممتع بأنَّ قانون مور لن ينتهي بحلول عام 2020 كما هو متوقع.