تعريف قضاء الصيام
القضاء لغة: الحُكم، والأداء، وفي الاصطلاح الشرعيّ: أن يُفعَل الأمر الواجب بعد فَوات وقته،
كفّارة عدم قضاء صيام رمضان
اتّفق العلماء على ترتُّب الإثم على مَن أخّرَ قضاء رمضان إلى رمضان الذي يليه بغير عُذر، وأنّه يلزمه القضاء، إلّا أنّهم اختلفوا في لزوم الفِدية عليه على قولين، بيانهما فيما يأتي:
- الجمهور: قال جمهور الفقهاء من الشافعية، والمالكية، والحنابلة بلزوم الفِدية؛ مُستدلّين بفِعل بعض الصحابة، كأبي هريرة، وعبدالله ابن عبّاس -رضي الله عنهما-،
[5] وتكون الفِدية بإطعامِ مسكينٍ عن كلّ يوم أفطرَه مُدّاً من قمح، أو دقيق، أو نصفَ صاع من تمر، أو شعير،[6] والمُدّ: ما يُعادل سبعمئة وخمسين غراماً تقريباً،[7] وقد يكون المُدّ من غالب قُوت البلد؛ ويساوي مِلء حَفنة؛ وهو ما يُعادل رطلاً وثُلث الرَّطل؛ أي ستّمئة غرام تقريباً،8 وقد يكون المُدّ أيضاً من الحِنطة بالمُدّ النبويّ، فيُخرج الفِدية مع القضاء، وإن قدَّمَها، أو أخَّرَها عنه، أجزَأَه ذلك،[9] وله أن يُطعم بعدد الأيّام التي أفطرَها مساكينَ في يوم واحد؛ لِما ورد عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- من أنّه فَعَل ذلك عندما أفطرَ أيّاماً من رمضان.[6] وذهب الجمهور إلى عدم جواز إخراج الكفّارة نقداً، وإنّما يجب أن تكون أعياناً.[10] - أبو حنيفة: قال بعدم لزوم الفِدية؛ واستدلّ على ذلك بأنّ الله -تعالى- أمرَ بالقضاء، ولم يذكر الإطعامَ في قوله -تعالى-: (وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)،
[11] ويجوز إخراج قيمة الطعام نقداً؛[10] لأنّ المقصود من الإطعام سَدّ حاجة المسكين؛ وهذا حاصل بالطعام، وبقيمته، وتُحدَّد قيمة الإطعام بسعر المِقدار الواجب إخراجه.[7]
وتجدر الإشارة إلى أنّ بعض العلماء، كابن تيمية -رحمه الله- اشترط في جواز إخراج قيمة الإطعام مصلحة المسكين، وحاجته، وإلّا فإنّ إخراج الكفّارة طعاماً أبرأ للذمّة؛ وذلك لأنّ القول بالجواز على الإطلاق قد يَدفع مَن تَلزمه الكفّارة أن يُخرجَ القيمة بسعر أنواع رديئة من الطعام.
حُكم تأخير قضاء رمضان إلى رمضان الذي يليه
اتّفق العلماء على وجوب قضاء الصيام لِمَن أفطرَ في رمضان قبل مجيء رمضان الذي يليه،
- الحالة الأولى: يكون التأخير بعُذر، كمَن مرضَ في رمضان، واستمرَّ معه حتى رمضان التالي؛ فلا إثم عليه في التأخير، وعليه القضاء فقط؛ لقوله -تعالى-: (وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)،
[11] [17] [18] وكذلك الحال في مَن كان صحيحاً لا يشكو المرض، أو صار مُقيماً بعد أن كان مسافراً بعد انقضاء رمضان إلى أن دخل شعبان، ثمّ مَرِضه كُلّه، أو سافر فيه؛ إذ يلزمه القضاء فقط؛ إذ إنّ تأخيره إلى شعبان جائزٌ في حقّه، وهو لم يكن يعلم بما سيحصل له.[19] - الحالة الثانية: يكون التأخير بلا عُذر، كمَن كان قادراً على القضاء ففرَّط فيه حتى دخل رمضان التالي، فهو يأثم بتأخيره، وقد تمّ بيان الآراء في لزوم الفِدية والكفّارة عليه وتوضيحها سابقاً في عنوان (كفّارة عدم قضاء صيام رمضان).
[5]
مسائل مُتعلّقة بقضاء صيام رمضان
هناك العديد من المسائل المُتعلّقة بقضاء الصيام، ومنها ما يأتي:
- التتابُع في قضاء صيام رمضان: اتّفق فقهاء المذاهب الأربعة على أنّه ليس من الواجب التتابُع في قضاء الصيام لِمَن أفطرَ أيّاماً من رمضان؛ وذلك لعدم وجود قرينة تدلّ على ذلك؛ قال -تعالى-: (فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)،
[11] [20] وإن كان من المُستحَبّ التتابُع؛ لأنّه أشبه بالأداء، وأكثر حِيطة؛ فلا يعلم الإنسان ما يُمكن أن يحدث معه،[18] وصوم التتابُع أسرع في إبراء الذمّة، وإسقاط الواجب.21 - التراخي في قضاء صيام رمضان: اتّفق فقهاء المذاهب الأربعة على عدم وجوب قضاء الصيام على الفور؛ إذ يجوز التراخي فيه، وللمسلم أن يصوم في أيّ وقت من السنة قبل مجيء رمضان الذي يليه، إلّا أنّه من الأفضل المُسارعة في القضاء؛ قال -تعالى-: (وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ)،
[22] ولأنّ ذلك أسرع في إبراء الذمّة، وإسقاط الواجب.[20] - تضاعُف كفّارة عدم قضاء صيام رمضان: اختلف العلماء في تضاعُف كفّارة عدم قضاء صيام رمضان إن كان التأخير لأكثر من سنة واحدة على أقوال، بيانها فيما يأتي:
- المالكية والحنابلة وقول للشافعية: قالوا بأنّ الفِدية لا تتضاعف مهما تأخّر القضاء،
[20] كأن تَمرّ على تأخير قضاء رمضان سنتَان، أو أكثر؛ فلا تلزمه فِدية عن كلّ عام، بل فِدية واحدة؛[19] وذلك لأنّ الواجب لا يزداد بالتأخير.[23] - الشافعية: قالوا بأنّ الفِدية تتضاعف بتأخير القضاء؛ فمَن أخّر قضاء رمضان سنتَين، وجب عليه أن يُطعِم عن كلّ يوم أفطرَه مُدَّين*؛
[16] وذلك لأنّ الفِدية غرامة ماليّة؛ والحقوق المالية لا تتداخل.[20] - الحنفيّة: قالوا لا فِدية عليه أصلاً، وإنّما عليه القضاء فقط.
- المالكية والحنابلة وقول للشافعية: قالوا بأنّ الفِدية لا تتضاعف مهما تأخّر القضاء،
الهامش
* المدٌّ: مكيالٌ قديم اختلف الفقهاءُ في تقديره بالكيل المصري؛ فقدّره الشافعية بنصف قدح، وقدّره المالكيَّة بنحو ذلك، وهو رِطلٌ وثُلث عند أَهل الحجاز، وعند أَهل العراق رِطلان، والجمع: أَمْدَادٌ، ومِدادٌ.
المراجع
- 1 - وزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية، <i> " الموسوعة الفقهية الكويتية " , (الطبعة الأولى)، مصر: دار الصفوة، صفحة 24، جزء 34 , وزارة الأوقاف والشؤون الاس .
- 2 - وزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية، <i> " الموسوعة الفقهية الكويتية " , (الطبعة الأولى)، مصر: دار الصفوة، صفحة 7، جزء 28 , وزارة الأوقاف والشؤون الاس .
- 3 - عزيزة القرني (4-7-2015)، " القضاء في الصوم والحج " , www.alukah.net , عزيزة القرني (4-7-2015)، .
- 4 - وزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية، <i> " الموسوعة الفقهية الكويتية " , (الطبعة الأولى)، مصر: دار الصفوة، صفحة 217، جزء 32 , وزارة الأوقاف والشؤون الاس .
- 5 - تأخير قضاء رمضان حتى يدخل رمضان الثاني , www.islamqa.info , 24-8-2007، 7-5-2020. بتصرّف. .
- 6 - سعاد زرزور، <i> " فقه العبادات على المذهب الحنبلي " , ، صفحة 4 , سعاد زرزور، .
- 7 - ما يجب على من لم تقض ما عليها من صيام لعدة سنوات تهاونا منها , ar.islamway.net , 22-6-2014، 7-5-2020. بتصرّف. .
- 9 - ابن الجلاب (1428ه - 2007م)، <i> " التفريع في فقه الامام مالك بن أنس " , (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 184، جزء , ابن الجلاب (1428ه - 2007م)، .
- 10 - حكم إخراج المال بدلا من الطعام في كفارة تأخير القضاء , ar.islamway.net , 22-6-2014، 8-5-2020. بتصرّف. .
- 11 - سورة البقرة، آية: 185. .
- 12 - حمد الحمد، <i> " فقه الصيام والحج من دليل الطالب " , ، صفحة 3، جزء 7 , حمد الحمد، .
- 13 - رواه البخاري ، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1950 ، صحيح. .
- 14 - ابن الرفعة (2009م)، <i> " كفاية النبيه في شرح التنبيه " , (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 382، جزء , ابن الرفعة (2009م)، .
- 15 - الكاساني (1406ه - 1986م)، <i> " بداع الصنائع في ترتيب الشرائع " , (الطبعة الثانية)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 103، جز , الكاساني (1406ه - 1986م)، .
- 16 - عبد الملك الجويني (1428ه - 2007م)، <i> " نهاية المطلب في دراية المذهب " , (الطبعة الأولى)، جدة: دار المنهاج، صفحة 60، جزء 4 , عبد الملك الجويني (1428ه - 2007م .
- 17 - ابن قدامة المقدسي (1415ه - 1995م)، <i> " الشرح الكبير على المقنع " , (الطبعة الأولى)، القاهرة: دار هجر، صفحة 499، جزء 7 , ابن قدامة المقدسي (1415ه - 1995م .
- 18 - الفقه الميسر , (الطبعة الثانية)، الرياض: دار مدار الوطن، صفحة 64، جزء 3 , محمد الموسى، عبدالله المطل .
- 19 - ابن يونس الصقلي (1434ه - 2013م)، <i> " الجامع لمسائل المدونة " , (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الفكر، صفحة 160-161، جزء 3 , ابن يونس الصقلي (1434ه - 2013م)، .
- 20 - محمد الشوبكي (18-7-2015)، " مسائل متعلقة بقضاء الصيام " , www.alukah.net , محمد الشوبكي (18-7-2015)، .
- 22 - سورة آل عمران، آية: 133. .
- 23 - ابن قدامة المقدسي (1415ه - 1995م)، <i> " الشرح الكبير على المقنع " , (الطبعة الأولى)، القاهرة: دار هجر، صفحة 500، جزء 7 , ابن قدامة المقدسي (1415ه - 1995م .
- 24 - تعريف و معنى مُدّ في معجم المعاني الجامع , www.almaany.com , 3-6-2020. .