مكانة الشاعر عند العرب
كان للشاعر عند العرب في العصر الجاهليّ مكانةٌ عظيمةٌ؛ إذ كان الشاعر عندهم بمثابة المُدافع الأول عن عِرض القبيلة، وهو المثير لمشاعر أبنائها والمعزّي لهم عند المصائب، وهو الذي يُحمّس المقاتلين ويرفع من معنوياتهم في المعارك والحروب، ويذكّرهم بالانتقام والثأر، وهو مصدر الفرح واللهو الذي يملأ الوقت بالشعر والأناشيد، وقد وضح ذلك ابن رشيق في كتابه العمدة في محاسن الشعر وآدابه، حيث قال: (كانت القبيلة من العرب إذا نبغ فيها شاعرٌ أتت القبائل فهنّأتها، وصُنعت الأطعمة، واجتمع النساء يلعبن بالمزاهر كما يصنعون في الأعراس، ويتباشر الرجال والولدان؛ لأنّه حمايةٌ لأعراضهم، وذبٌّ عن أحسابهم، وتخليدٌ لمآثرهم، وإشادةٌ بذكرهم، وكانوا لا يهنّئون إلا بغلامٍ يولد، أو شاعرٍ ينبغ فيهم، أو فرسٍ تنتج)، وقد أكد العديد من المؤرخين على عظم مكانة الشاعر عند العرب، واستشهدوا بما قاله ابن رشيق، ومن هؤلاء المؤرخين: جلال الدين السيوطي، والشيخ أحمد الإسكندري، والشيخ أحمد العناني، وجرجي زيدان، وعلى الرغم من تمرّد بعض الشعراء على قبائلهم، وهم من عرفوا بالشعراء الصعاليك، إلا أن عددهم لا يُذكر في مقابل عدد الشعراء الذين مجّدتهم قبائلهم، وفي الحقيقة أنّ الشاعر في الجاهليّة كان صاحب مكانةٍ رفيعةٍ في قبيلته.
شاعر الرسول
شاعر الرسول صلّى الله عليه وسلّم: هو حسان بن ثابت بن المنذر بن حرام الخزرجي، وأمّه فريعة الخزرجيّة، ويرجع نسبه إلى قبيلة الخزرج التي هاجرت من اليمن إلى الحجاز، واستقرت في المدينة المنوّرة مع سكانها؛ وهم الأوس، ولا بُدّ من الإشارة إلى أنّ ثمّة صلة قرابةٍ بين حسان بن ثابت -رضي الله عنه- والنبيّ صلّى الله عليه وسلّم؛ إذ إنّ نسب حسان يرجع إلى بني النجار، الذين هم أخوال الرسول صلّى الله عليه وسلم، وقد ولد حسان بن ثابت في المدينة المنوّرة قبل مولد النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- بثمانية أعوامٍ، وشبّ وترعرع فيها، وقد أثّرت الحروب والنزاعات بين قبيلته الخزرج وقبيلة الأوس في شخصيّته، وصقلتها حتى أصبح شاعر قبيلته، والناطق باسم الخزرج في تلك الحروب؛ ممّا جعل له شهرةً وسمعةً في بلاد العرب، بالإضافة إلى أنّه كان يتواصل مع الغساسنة، ويمدحهم بشعره، وينال الأعطيات منهم؛ جزاءً لذلك، فعاش حياته متنعّماً وفي رغدٍ من العيش، وكان له علاقةٌ بالنعمان بن المنذر ملك الحيرة، فأخذ مكان شاعره النابغة فترةً من الزمن، عندما كان على خلافٍ معه، وقد صقل اختلاطه بالملوك موهبته الشعريّة، وتوسّع في باب المدح والهجاء، وممّا كان يميز أداءه الفنّيّ؛ استخدام العبارات القويّة، والألفاظ الجزلة، والتعظيم والتفخيم.
الشعر في الإسلام
لقد تباين موقف الإسلام من الشعر والشعراء؛ فكان موقف الإسلام من شعراء الكفر الذين بذلوا جهدهم في الهجوم على الإسلام، وهجاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وإيذاء أصحابه رضي الله عنهم، أن وصفهم القرآن الكريم بالضلال، بالإضافة إلى أنّ موقف القرآن الكريم من الشعر، كان تأكيداً على أنّ ما نزل على رسول الله -صلّى الله عليه سلّم- ليس له أيّ صلةٍ بالشعر، وإنّما هو كلام ربّ العالمين، ومعجزةٌ تحدّى الله تعالى بها شعراء العرب وفصحاءهم بأن يأتوا بمثلها، فعجزوا، وقد نفى الله تعالى الشعريّة عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم، حيث قال: (وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ)،
المراجع
- 1 - مكانة الشاعر في العصر الجاهلي , www.alukah.net , 4-9-2018. بتصرّف. .
- 2 - حسان بن ثابت .. شاعر الرسول , www.islamstory.com , 4-9-2018. بتصرّف. .
- 3 - رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن حسان بن ثابت، الصفحة أو الرقم: 3212 ، صحيح. .
- 4 - رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 2490 ، صحيح. .
- 5 - سورة يس، آية: 69. .
- 6 - الإسلام والشعر , www.saaid.net , 4-9-2018. بتصرّف. .