من هي شجرة الدر

معلومات عامة  -  بواسطة:   اخر تحديث:  ١٢:٣٥ ، ٣ أغسطس ٢٠١٧
من هي شجرة الدر

شجرة الدر

شجرة الدر أو شجر الدر هي عصمة الدين؛ أم خليل، وهي أرمينية من أصل تركي، وأيضاً جارية اشتراها السلطان صالح نجم الدين أيوب، وقد افتتن السلطان بجمالها وذكائها وحظيت عنده بمكانةٍ مَرموقة حتى أعتقها وتزوّجها وأنجبت منه ابنهما خليل، الذي توفي في الثاني من صفر لعام 648هـ.


وُلدت شجرة الدر مسيحيّةً في تركيا في أرمينيا الجبلية، إلا أنّ القاهرة كانت وطنها والإسلام هو عقيدتها، وقد اختطفت شجرة الدر وبيعت في سوق النخاسة مع غيرها من الجواري والغلمان، وعندما اشتراها السلطان نشأت على عقيدتها الجديدة وهي الإسلام، ولم تعد لها أيّ صلة بعَقيدتها القديمة.1

بسبب شجرة الدر ترك السلطان زوجته وأم ولده الغيث توران شاه حيث كانت عالمة، واختلف المؤرّخون في تحديد ما إن كانت جنسيّة زوجته رومانية أم شركسية،[2] وقد وقع الصالح نجم الدين ذلك الجندي قليل الكلام والرجل العبوس في حب الفتاة الرشيقة شجرة الدر، مما دفعه إلى إعتاقها والزواج منها، وبعد وفاة زوجته توران شاه أصبحت شجرة الدر هي الوحيدة في قلبه، وقد أحبته حباً شديداً، وأصرّت على ألا تكون لها منافسة في حبّه، وتَتوّج هذا الحب بقدوم مولودهما خليل.1

شجرة الدر امرأة لم تتكرّر كثيراً في التاريخ؛ فقد كان لها طابعها الخاص الذي يتجلّى في قوّتها وشجاعتها وجرأتها، وفي عقلها المدبّر وحكمتها الشديدة، كما كانت لها قدرة كبيرة على القيادة والإدارة، حتى إنّها كانت ترى في نفسها هذه الخصال جميعها، وكانت شديدة الإعجاب بنفسها وبإمكاناتها، ووجدت في نفسها الملكة التي تستطيع أن تحكُم البلاد وتُديرها.[3]

تولّت شجرة الدر عرش الحكم في مصر لمدّة ثمانين يوماً وذلك بمبايعة المماليك وأعيان الدولة لها بعد وفاة زوجها السلطان الصالح أيوب، ثمّ تنازلت عن العرش لزوجها المعز أيبك التركماني في عام 648هـ.[4]

مرافقة شجرة الدر لزوجها

بعد أن توفّي الملك الكامل ملك مصر انتقل الحكم إلى ابنه الأصغر وهو سيف الدين أبو بكر والذي كان يُلقّب بالمَلك العادل الثاني؛ حيث إنّ الابن الأكبر وهو الصالح نجم الدين أيوب كان حاكماً لحصن كيفا وهو حصن من حصون المشارق ويقع على حدود تركستان، إلّا أنّ نجم الدين رأى أن الجلوس على العرش من حقه وليس من حق أخيه الأصغر، وقرّر بذلك أن يحكم بالقوة، فصَحِب زوجته شجرة الدر وابنه وجارية أخرى اسمها مرجانة كانت تُصاحب شجرة الدر منذ أن اشتراها الصالح نجم الدين، وكان متوجهاً نحو الجنوب مع جيش صغير مؤلف من عشرات الجنود ومعه بعض من المماليك مثل بيبرس وأيبك، وقلاوون، وأقطاي، وفي طريقه اعترضه الناصر دواد ابن عمه وصاحب قلعة الكرك الواقعة على نهر الأردن والتي كانت تتميّز بحصانتها المنيعة.[2]

ألقى الناصر قبضته على نجم الدين بإيقاعه هو وجيشه في كمين، وأودعهم في سجون قلعة الكرك لمدة سبعة أشهر كاملة، وكانت زوجته والجارية مرجانة معه خلف القضبان، وذات يوم استدعى الناصر نجم الدين ليتباحث معه في تقسيم الغنائم وتوزيع النفوذ؛ إذ لم تكن بينهما أية عداوة، واتفق الاثنان على استقلال الناصر بحكم الشام، وانتزاع نجم الدين الحكم من أخيه، وقد زف نجم الدين هذا الخبر إلى شجرة الدر التي كانت تنتظره بفارغ الصبر.


بعد ذلك ترك نجم الدين وزوجته وابنه ومرجانة القلعة تبعاً للصفقة التي تم عقدها، وتوجّهوا إلى مصر، وعندها خلع نجم الدين أخاه سيف الدين عن الحكم وألقى به في السجن بقلعة صلاح الدين، وفي عام 637هـ قتله خَنقاً وحكم مصر بشكل كامل، وعندها أصبحت شجرة الدر صاحبة الكلمة العُليا في شؤون الدولة، وقد أوتيت الجاه والسلطان والحكم وهو ما كانت تَطمح له، إلّا أنّها وَقعت تحت تأثير صدمةٍ عنيفةٍ عندما توفّي ابنها خليل، واهتزّ عرشها، وما إن استجمعت قواها حتى حدثت الصدمة الكبرى وهي وفاة نجم الدين زوجها في عام 647هـ.[2]

توفّي نجم الدين في الوقت الذي كانت فيه الحروب تشتعل بين المصريين والصليبيين بقيادة لويس التاسع عشر وهو ملك فرنسا؛ حيث كان يزحف هو وجيوشه نحو القاهرة عن طريق المنصورة، إلّا أنّ شجرة الدر تصرفت بحكمة وذكاء بحيث استجمعت قواها وأخفت نبأ وفاة زوجها عن الجيش والشعب المصري، وواصلت التصرف في أمور البلاد بالاستعانة بالمقرّبين منها والمخلصين لها، وقد ركزت شجرة الدر في جهودها على مواجهة الخطر الصليبي القادم، وكانت تُصدر القرارات والتعليمات والمراسيم التي تحمل خاتم الملك نجم الدين مُعللة حُكمها بأنّه يعاني من مرض شديد ويلازم الفراش، وقد حققت شجرة الدر انتصارات كبيرة على الجيوش الفرنسية وصدتهم مما أدى إلى توقّفهم عن الزحف نحو الأراضي المصرية وتفرقهم.[2]

كانت شجرة الدر قد استدعت الحاكم توران شاه للحكم، وعند وصوله أعلنت خبر وفاة نجم الدين ليستلم هو مقاليد الحكم ويهزم الصليبين في معركة المنصورة ويأسر الملك لويس التاسع عشر، إلّا أن هذه الإنجازات جعلت توران شاه يُصاب بالتعالي ويعامل شجرة الدر بقسوة، كما أنّه تعالى على الأمراء أيضاً، وطلب من شجرة الدر ما تبقّى من ثروة أبيه، مما أدّى إلى الغضب منه والبدء في التآمر عليه.[2]

جلوس شجرة الدر على العرش

بعد أن استفز توران شاه المماليك حيكت ضدّه المؤامرات، وبعد أن قطع بيبرس البندقداري يده بالسيف حاول أن يهرب إلّا أن المنتقمين الحاقدين أدركوه وأجهزو عليه في وسط النيل وقتلوه في عام 648هـ، وكان ذلك بعد مرور خمسة أسابيع من مبايعته على المُلك، وقد أُلقيت جثته في العراء لمدّة ثلاثة أيام ولا أحد يعرف أين دُفنت، وبموت توران شاه انقرضت أسرة الأيوبيين في دولة مصر، وأصبح العرش خالِياً إلى أن بايع الأمراء ورجال الدولة شجرة الدر لتكون أول ملكة تجلس على العرش في التاريخ الإسلامي، وكان لقبها الملكة عصمة الدِّين، وتم نقش اسمها على الدنانير والدراهم وبدأ في عهدها تسيير المحمل المصري إلى دولة الحجاز والذي كان يحمل كسوة الكعبة، إضافةً إلى نقل الأموال والمؤن إلى أهل البيت.[2]

زواج شجرة الدر مرة أخرى

عند تولّي شجرة الدر العرش جاءت ردود الفعل غاضبة ورافضة لأن تتولى العرش امرأة، فأدركت شجرة الدر بذكائها أنّه لا بد من وجود رجل يساندها، وعندها تزوجت من الأمير عز الدين أيبك التركماني، وبعد أن بلغت شجرة الدر الخمسين من عمرها أخذ يُخطط لمستقبله ومن سيتولى العرش من بعده خاصّةً أنّ شجرة الدر لن تستطيع الإنجاب لكبر سنها، فقرر أن يتزوج من ابنة بدر الدين لؤلؤ حاكم الموصل، وعندها ساءت علاقته بشجرة الدر وغضبت منه بعد أن علمت أنّه ينوي الزواج، وقررت أن تقضي عليه عن طريق غلمانها، ويذكر المؤرخون أنّها اغتالته بضربِه على رأسه الضربة الأولى بالقبقاب، ثم تابع الغلمان ضربه حتى مات.[2]

هبّ أنصار عز الدين أيبك ثائرين على شجرة الدر وهاجموها ثم قادوها إلى أحد أبراج القلعة لتلبث سجينة فيها ومجرّدة من نفوذها، ثم نادوا بابن عز الدين من جاريته وهو نور الدين ملكاً على مصر والشام، وأعطوه لقب الملك المنصور، فقامت شجرة الدر باستجماع من بقي من أعوانها وقتلت الطفل نور الدين.[2]

مقتل شجرة الدر

تعددت الروايات حول مقتل شجرة الدر إلّا أنّ أشهرها يقول إنّه عندما وصلت أنباء مقتل نور الدين إلى أمه اجتمعت مع المماليك وطلبت منهم أن يقتلوا شجرة الدر، وبالفعل اقتاد المماليك شجرة الدر إلى أم نور الدين والتي بدورها أشارت إلى الجواري ليضربنها بالقباقيب إلى أن ماتت، ويقال أيضاً إنّ زوجة المعز الأولى هي التي حرّضت ابنها علي على قتل شجرة الدر انتقاماً لأبيه.[2]

المراجع